بقلم المحامي فؤاد الأسمر
حافَظَ جبل لبنان على وحدته وصموده، لقرون طويلة منذ العام ٦٨٥ ولغاية العام ١٣٠٥ م. بفعل جملة عوامل أهمها التنظيمات والتحصينات التي أحدثها البطريرك مار يوحنا مارون وخلفائه، وكذلك اتحاد أبناء جبل لبنان تحت سلطة المقدمين السياسية وقيادة البطريرك الروحية.
بنتيجة ذلك عجزت مختلف الفتوحات والجيوش الجرّارة عن اخضاع جبل لبنان وكان مصيرها الانكسار.
في العام ١٣٠٥ لعبت شياطين السلطة برأس أحد المقدمين، وهو المقدم سالم، الذي انخدع بالسلطان المملوكي بن قلاوون وبوعوده له أنه سيولّيه حاكمًا على جبل لبنان، وقام بفتح مقدمية كسروان، من المنطقة المسماة اليوم "الفتوح"، أمام الجيش المملوكي، فكانت الإبادة التي قضت على أهل الجبل ومعهم قرون طويلة من النضال والبطولات.
انتظر الموارنة عدة قرون حتى نهضوا من جديد وتكاثروا واستعادوا حضورهم، وأسسوا وطناً تعايشوا فيه مع اخوانهم على صورة الجبل الذي استوطنوه لقرون طويلة.
خلال الحرب اللبنانية، ورغم الويلات التي عصفت بهم، حافظ المسيحيون على صلابتهم وصمودهم تحت قيادة عمالقة الجبهة اللبنانية، وتوجيهات البطريرك الروحية، إلى أن لعبت شياطين السلطة بالرؤوس فكانت المجازر بينهم وأخطرها مجزرة الصفرا - طبرجا - كفرياسين - في الفتوح- بتاريخ ٧ تموز ١٩٨٠، وأدت إلى إقصاء الحكماء عن القرار، كما فتحت مجزرة الفتوح باب حقبة "مذابح الأخوة". فعانى المسيحيون إبادةً على مختلف الجبهات وصولاً إلى مجزرة ١٣ تشرين ١٩٩٠ والاحتلال السوري وما رافقه من تنكيل وأذلال وتهجير جماعي.
المؤسف أن الجرح ما يزال مفتوحًا إلى يومنا هذا دون أفق، فهل باتت العناية الإلهية عاجزة عن أقفال هذا الفتوح؟ وكم قرنٍ سيكلّفنا النهوض؟
Comments