bah إسرائيل تنافس السعودية في ملئ الفراغ في الشرق الأوسط - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

إسرائيل تنافس السعودية في ملئ الفراغ في الشرق الأوسط

07/05/2025 - 20:47 PM

Prestige Jewelry

 

 

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب *

 

كانت حرب 1973 أول انتصار عربي على إسرائيل، ما جعل الغرب يتجه نحو خلق صراعات جديدة لتخفيف الضغط المفتوح على إسرائيل، فأتى بالخميني عام 1979لإشغال المنطقة بصراعات جديدة، بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد في 17 سبتمبر 1978 لإنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل مع انسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967.

بالفعل انشغل العرب بمنع تصدير الثورة الخمينية إلى دولهم، ودخل العراق في حرب مباشرة استمرت ثمان سنوات من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988 انتهت بلا انتصار لطرفي الصراع، وقبولهما لوقف إطلاق النار، وهو أطول نزاع عسكري بين دولتين في القرن العشرين، سميت بحرب الخليج الأولى، أثرت على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط، شجع إسرائيل على غزو جنوب لبنان عام 1982 في أعقاب سلسلة من الهجمات والهجمات المضادة بين منظمة التحرير الفلسطينية العاملة في جنوب لبنان وقوات الدفاع الإسرائيلية، وفرض بشير الجميل رئيس حزب الكتائب رئيسا للبنان من أجل دفع لبنان إلى توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل وإدخال لبنان إلى دائرة نفوذ إسرائيل، تقاسمت النفوذ بعد الحرب الأهلية 1975-1990 مع سوريا التي احتلت لبنان حتى عام 2005، بينما إسرائيل احتلت جنوب لبنان حتى عام 2000.

بالطبع تدهورت العلاقات السعودية الإيرانية بعد الثورة الخمينية عام 1979، مر الصراع بعدة مراحل من المواجهة العلنية في الثمانينات، والانفراج قصير المدى في التسعينيات، ثم صراع على النفوذ في الشرق الأوسط، عزز من هذا الصراع احتلال أمريكا للعراق 2003 وثورات الربيع العربي 2011، مع تفكك بعض الأنظمة وسقوطها سعت إيران لملء الفراغ عبر دعم الجماعات المسلحة والمليشيات الموالية لها، مما أدى إلى تعزيز نفوذها في مناطق مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن، مستثمرة الانقسامات الطائفية، بجانب تعزيز علاقاتها مع قوى إقليمية مثل روسيا التي تتقاطع مصالحها معها، مما ساهم في تعزيز موقعها الاستراتيجي، ما جعلها تسعى لتصدير نموذجها بجانب استخدام القوة الناعمة من خلال دعم المؤسسات الإعلامية والثقافية الموالية لها، مما ساهم في تشكيل رأي عام مؤيد لسياساتها في ظل انقسام عربي، استثمرت عدم الاستقرار والفراغ السياسي في المنطقة لتوسيع نفوذها وتعزيز موقعها كقوة إقليمية، بالطبع هذا أخاف إسرائيل، لكنها كانت تعولا كثيرا على السعودية في حربها بالوكالة مع إيران يقلص من نفوذها، لكن السعودية اتبعت نهجا ناعما يحقق لها رؤيتها بدون حروب بالوكالة.

مثلت رعاية الصين وساطة بين السعودية وإيران كانت بمثابة صدمة للبيت الأبيض وإسرائيل، ولم تعد السعودية بعد اليوم تحارب إيران بالوكالة نيابة عن الغرب، استثمرت السعودية توقيع تلك الصفقة في ظل علاقة فاترة مع واشنطن في عهد بايدن، وكذلك كانت مضطربة مع الصين وإيران، خصوصا بعد توقف مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني بين طهران والدول الكبرى الست.

لكن بعدما أشارت تقديرات أميركية إلى أن إيران زادت من وتيرة العمل في برنامجها النووي، أكدته وكالة الطاقة الذرية في حينها بأنه تم العثور على جزيئات من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7% أي أقل بقليل من 90% اللازمة لإنتاج قنبلة ذرية، بل كثير من المحللين كانوا يرون تقاعس أمريكا عندما قصفت منشآت النفط في بقيق شرق السعودية، كان له عواقب وخيمة على أسواق النفط، وشكل صدمة حقيقية للسعودية، خصوصا بعدما فشل ترمب في تحقيق تقارب سعودي إسرائيلي عبر اتفاقات إبراهام، بسبب أن السعودية تشترط قيام دولة فلسطينية مستقلة، قاد إلى التقارب السعودي الإيراني في مارس 2023 برعاية الصين.

جولة ترمب في السعودية في 13 مايو 2025 التي تكسر قواعد الدبلوماسية الأمريكية عندما تجاهلت زيارة بريطانيا أو كندا بل وتجاهلت زيارة إسرائيل كما في الزيارة الأولى في 2017، وترك ترمب العلاقة بين السعودية وإسرائيل إلى أن يحين وقتها، وكأن ترمب يرسل رسالة واضحة لإسرائيل أن كفة السعودية كحليف مهم باعتباره حليفا استراتيجيا تاريخيا ثابتا.

 تعكس هذه الزيارة الثقل السعودي الخليجي في المنطقة، ولن تستطيع إسرائيل منافسة السعودية على ملئ الفراغ في المنطقة، حتى لو انها قامت بدعم أمريكي تحييد محور المقاومة، لكنه أتى بعدما أقدمت السعودية على تحييد الصراع الإقليمي بينها وبين إيران، ولم تعد تحارب السعودية بالوكالة نيابة عن أحد، فحيدت جبهة الحوثي في اليمن، وبقية الجبهات في العراق وفي غيرها.

 تطالب السعودية لبنان واليمن القيام بدورهما، ولن تحارب حزب الله والحوثي نيابة عنهما، وفي نفس الوقت تضغط على إسرائيل بإقامة مؤتمر دولي بدعم دولي أوروبي في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لإنهاء الصراع في المنطقة، خصوصا بعدما أنهت الحرب الأهلية في سوريا بالتعاون مع تركيا ومباركة أمريكية، ودعمت وحدة سوريا بالتعاون مع تركيا وإقناع قسد وبقية الأقليات تسليم أسلحتهم للدولة والانخراط في وزارة الدفاع.

كل الطموحات الجيوسياسية الإقليمية تحطمت على الصخرة السعودية التي تقود هي وشقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي مشروع اقتصادي إقليمي دولي يصل بين آسيا وأوروبا، وتشارك فيه جميع الدول الإقليمية بما فيها إسرائيل إذا وافقت على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة من أجل تحول المنطقة إلى أوروبا الجديدة.

 

* أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية بجامعة ام القرى سابقا

     Dr_mahboob1@hotmail.com

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment