bah مشهد الصخرة: ارتدّ براً ولم يتجاوز المياه الإقليمية!! - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

مشهد الصخرة: ارتدّ براً ولم يتجاوز المياه الإقليمية!!

09/27/2025 - 20:14 PM

Atlas New

 

 

 

 

الصورة التي رفعت يحيط فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد بالسيد حسن لمحاكاة البيروتيين عطلتها صورة اخرى لـ "الاصبع المرفوع" في اتجاه الجميع. وعليه لم يعكس الليزر الصور التي رسمها إلا الى الداخل اللبناني.

الجمهورية  - جورج شاهين

 

يُخطىء مَن يعتقد أنّ مشهد إنارة صخرة الروشة يمكن أن تكون له أي ردّات فعل خارجية، إقليمية أو دولية. ووفق مراجع ديبلوماسية عليمة، فإنّها قرأت فيه ارتداداً إلى الداخل، لما تسبَّب به من شكوك في أداء أهل السلطة في ما بينهم، وما بين البعض منهم، من أجل استغلال الجيش في مكان ما، بعدما عبّر في أدائه عن عملية ناجحة لتجنيب البلاد خضّة أمنية هي في غنى عنها، بعدما قطع الطريق على مَن حرّضوا على المشهد من أطراف عدة. كيف ولماذا؟

على رغم من الضجيج الذي رافق الاحتفالية الخاصة بإنارة صخرة الروشة بصورتَي رمزَين من رموز "المقاومة" لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال السيد حسن نصرالله التي تصادف اليوم، وقبل أيام قليلة على ذكرى اغتيال خَلَفه السيد هاشم صفي الدين، فإنّ شيئاً بارزاً لم يُسجّل سوى ردّات الفعل الداخلية التي عبّر عنها جمهور "حزب الله" ومغرّدوه، قبل بعض قياديّيه، وبعدهم مواقف رئيس الحكومة نواف سلام، بمعزل عن بقية التصريحات التي رفضت ما حصل على كثرتها ورحّبت على قلّتها، وما بينهم مَن سَخَر من الطرفَين.

ومردّ ذلك عبّرت عنه مصادر سياسية عليمة وديبلوماسية عتيقة، التقت على اعتبار أنّ ما حصل لم يتجاوز الساحة الداخلية، وربما حيث تمّ إحياء الذكرى ومحيطها ليس إلّا. وإنّ مَن اعتقد بأنّه سيكون لما حصل ردّات فعل قوية في الخارج، توحي بإمكان تبديل مهمّ في موازين القوى والمواقف ممّا يجري في لبنان، يعيش في منطقة أخرى من العالم، وقد تجاهل عمداً كثيراً من الحقائق.

فالأهم، بل الأخطر، يكمن في ما التقى عليه الرجلان من قراءة موحّدة من زوايا مختلفة، عن كل ما طرحه اللبنانيّون على الخلفيات المبنية على الفرز القائم في المواقف والمناطق والأطراف السياسية، من مسلسل الحروب التي لم تشهد بعد أي منها يومها التالي منذ عامَين، ولا يستذكر البعض في احتفالاته سوى لحظات النكبة والخسارة. ولم ينجح أهل الحُكم بعد في إبعاد السيناريوهات الخطيرة المحدقة بالبلد من الجوانب كافة، بمَن فيهم أهل الحُكم الذين افتقدوا إلى القدرة على تطبيق بعض القوانين البديهية التي انتُهكت على مرّ السنين الماضية، ولم تقم لها قائمة إلّا في مناطق محدودة ومناسبات نادرة.

وعليه، فقد عبّرت هاتان الشخصيتان عن بعض الملاحظات ومنها:

- إنّ من السخف البناء على أنّ ما جرى قد يُهدِّد موازين القوى في البلد سوى للحظات عابرة. ولم تأتِ الاحتفالية بغير مزيد من الانقسام الداخلي وتصغير المساحة التي كان يستحقها رمزا "المقاومة"، ولا سيما منهما السيد حسن نصرالله، الذي شكّل لفترة من الزمن تلت تحرير الجنوب في العام 2000، رمزاً عربياً وإسلامياً كبيراً. ولم يتأثر باغتياله سوى بعض مَن يعتقد أنّ محور الممانعة ما زال قائماً بجناحَيه في جزء من لبنان ولدى الحوثيِّين في اليمن. فكل ما كان متوافراً من قبل على مستوى العطف العربي والإسلامي ما زال مفقوداً حتى اليوم منذ عقود من الزمن. وربما زادت من عمقه وبُعده التطوّرات الأخيرة، فاقتصرت ردّات الفعل في الذكرى على ما يجري في لبنان ومواقف متفرّقة إيرانية وأخرى للحوثيِّين وعدد من الشخصيات الفكرية والسياسية المحدودة.

- لم تتسبّب الذكرى سوى بردّة فعل طبيعية من رئيس الحكومة وبعض الوزراء ومعهم بعض القيادات الحزبية والوطنية والقانونية والدستورية، التي تعتقد أنّ قيامة الدولة وإحياء القانون فيها ما زالا مستبعدين، ولو في أجزاء وأحياء من المدن والمناطق اللبنانية، في ظل الديماغوجية السياسية التي تتحكّم بالمواقف في لحظات انفعالية تفتقر إلى كل ما يمتّ إلى ممارسات رجال الدولة ولو كانوا في مواقع رسمية يوزّعون التعهّدات يومياً ببناء دولة القانون والدستور والمواطنة.

- لم يكن في الإمكان أفضل ممّا كان، تقول المراجع العسكرية، عندما نقلت عنها مراجع سياسية وديبلوماسية نظريّتها الواضحة والسهلة. فهي رفضت توصيف أداء الجيش والقوى الأمنية بأنّه كان بارداً ومسهّلاً للفوضى، والنكث بالتفاهمات التي عُقِدت قبل أيام قليلة. فقد كانت هذه القوى بين خيارَين سلبيَّين لا ثالث لهما سوى ما حصل. وهما يتراوحان بين مسارَي التفجير الأمني أو الإستقرار المحدود، الذي ما زال مضموناً ولو كان هشاً في مثل هذه المناسبات، حيث تحضر العواطف وتغيب العقول. فهم يُدركون أنّ كلفة التفجير وشلّ البلد والإنسياق إلى حالة من الفلتان من أسهل السيناريوهات التي يمكن أن تفرضها أقلية على أكثرية، ومجموعة صغيرة على أكبر قوة أمنية أو عسكرية، وهي في كل الحالات أرخص من نقطة دماء يمكن أن تسيل لتشعل الغرائز وتنقل البلد من مكان إلى آخر.

وإلى هذه الملاحظات التي لا يختلف حولها اثنان، اختلف المصدر الديبلوماسي مع رؤية نظيره السياسي. فرأى تحوّلات دولية سلبية تجاه ما يجري في لبنان، الذي لا يزال يقرأ التطوّرات في المنطقة بعيون الزواريب اللبنانية، وربما البيروتية، كما حصل أول أمس في منطقة الروشة. وهو يوزّع الخسائر على القوى المحلية، متجاهلاً ما سيكون عليه الوضع إن بقيَ المسؤولون يتلهّون بنزاعاتهم الداخلية ولا يلتفتون إلى الخارج الذي نحتاجه في كل خطوة مثمرة ومطلوبة. فالأجواء في الإدارة الأميركية وأروقة الأمم المتحدة نضحت بما يكفي من الإنذارات، التي أوحت بإمكان أن تبقى الأزمة اللبنانية في الثلاجة البعيدة من أيدي المسؤولين أصحاب القرار الفصل، في انتظار إقفال الملفات الكبرى التي تعنيهم وتعني دولهم قبل الإلتفات إلى ما يجري في لبنان.

وتختم هذه المصادر، أنّ الإدارات العميقة حيث تُطبخ القرارات الكبرى الخاصة بالمنطقة وما يُصيب لبنان منها، لم تسمع ولم تطّلع على ما جرى في الروشة أول أمس. فالصورة التي طُبِعت بالليزر لكل من السيد نصرالله والرئيسَين الشهيد رفيق ونجله سعد الحريري، عطّلتها صورة "الإصبع الموجّه" إلى الجميع في لبنان، فبقِيَت الصورة برّية ولم تتّجه إلى البحر، وحتى أنّها لم تخرج إلى المياه الإقليمية.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment