bah انتخابات المغتربين اللبنانيين: بين الوعود الرئاسية والتشريعات الغائبة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

انتخابات المغتربين اللبنانيين: بين الوعود الرئاسية والتشريعات الغائبة

09/27/2025 - 20:59 PM

بيروت

 

 

بيروت - بيروت تايمز - تحقيق اخباري سياسي من اعداد جورج ديب

 

في لحظة مفصلية من تاريخ لبنان، وبين أزمات الداخل وتحديات الخارج، يبرز ملف انتخابات المغتربين كأحد أبرز وجوه الإصلاح السياسي المنتظر، وكمؤشر حقيقي على مدى جدية الدولة في إشراك المنتشرين اللبنانيين في صناعة القرار الوطني. ففي ظل الانهيار الاقتصادي، وتراجع الثقة بالمؤسسات، وتفكك العقد الاجتماعي، يبقى صوت المغترب اللبناني هو الأمل المتبقي، والرافعة التي يمكن أن تعيد التوازن إلى الحياة السياسية، إذا ما أُحسن الإصغاء إليه، وتمت ترجمة الوعود إلى تشريعات واضحة وعادلة.

في هذا السياق، أعرب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عن ثقته بأن المنتشرين اللبنانيين لن يتركوا لبنان، وسيقفون إلى جانبه والى جانب الدولة في مسيرة النهوض بالبلد وإعادته إلى ما كان عليه من عز وتميز. وقال إن لبنان غني باللبنانيين في الخارج، ولا ينتظر إحساناً من أحد، ولا مساعدات من أحد، ولا هبات، بل استثمارات. كما دعا اللبنانيين المنتشرين إلى الاقتراع في الاستحقاق النيابي المقبل، لأن "صوتكم ليس مجرد ورقة يتم وضعها في صندوق، بل هو الأمل لمستقبل أفضل، وهو صوت التغيير، وعليكم المشاركة بكثافة مهما كانت الظروف، وهذه المسؤولية التي تقع عليكم".

كلام الرئيس عون جاء خلال حفل استقبال أقامته السفارة اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية وبعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة.

بيروت تايمز: من الدعوة إلى التشريع

في ظل هذه الدعوة الرئاسية، تطرح بيروت تايمز سؤالًا جوهريًا: أين هو القانون الانتخابي الجدي الذي يضمن للمغتربين حقهم الكامل في التصويت؟

فرغم التجارب السابقة التي سمحت للبعض بالاقتراع في الخارج، إلا أن الآلية بقيت محدودة، مع غياب بنية قانونية واضحة تضمن العدالة، الشفافية، وتكافؤ الفرص بين الناخبين في الداخل والخارج.

إن إصدار قانون انتخابي خاص بالمغتربين لم يعد ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وطنية، تتطلب تنسيقًا مباشرًا بين رئيس الجمهورية، الحكومة، ومجلس النواب، لوضع إطار تشريعي يضمن تسجيل الناخبين المنتشرين، تنظيم مراكز اقتراع في السفارات والقنصليات، وتأمين الرقابة الدولية والمحلية على العملية الانتخابية.

بيروت تايمز تؤكد أن إشراك المنتشرين في الانتخابات هو خطوة نحو استعادة الثقة بالدولة، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، خصوصًا أن اللبنانيين في الخارج يشكّلون رافعة اقتصادية واجتماعية لا يمكن تجاهلها.

مسؤولية مشتركة: من الرئاسة إلى البرلمان

إن دعوة الرئيس عون للمغتربين للمشاركة لا تكتمل دون خطوات تنفيذية من الحكومة اللبنانية، التي يقع على عاتقها إعداد مشروع قانون واضح، وتقديمه إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره. كما أن مجلس النواب مطالب بتحمّل مسؤوليته التشريعية، بعيدًا عن الحسابات الطائفية أو الحزبية، لضمان أن يكون صوت المغترب اللبناني صوتًا فاعلًا لا شكليًا.

في هذا السياق، تذكّر بيروت تايمز بأن المغتربين اللبنانيين ليسوا مجرد جمهور انتخابي موسمي، بل هم شركاء في بناء الدولة، ومساهمون في الاقتصاد، وحملة أفكار وتجارب يمكن أن تُحدث فرقًا في الحياة العامة.

من التجربة إلى التأسيس

لقد شهد لبنان في الانتخابات النيابية السابقة محاولات أولية لإشراك المغتربين، لكنها بقيت محدودة من حيث عدد المسجلين، مراكز الاقتراع، وضمانات النزاهة. وقد أظهرت تلك التجربة أن الإرادة السياسية وحدها لا تكفي، بل يجب أن تُترجم إلى بنية قانونية متكاملة، تشمل:

آلية تسجيل إلكترونية مبسّطة

اعتماد البطاقة البيومترية أو التصويت الإلكتروني الآمن

تحديد حصص تمثيلية واضحة للمغتربين في البرلمان

إشراف قضائي مستقل على العملية الانتخابية في الخارج

بيروت تايمز ترى أن الوقت قد حان لتأسيس هذا القانون، لا لتأجيله أو تسييسه، خصوصًا في ظل تصاعد الهجرة، وتزايد عدد اللبنانيين الذين يعيشون ويعملون في الخارج.

صوت المغترب: بين الأمل والتغيير

إن كلام الرئيس عون حين قال للمغتربين في نيويورك "صوتكم ليس مجرد ورقة، بل هو الأمل"، يحمل في طياته اعترافًا ضمنيًا بأن التغيير الحقيقي يبدأ من صناديق الاقتراع، وأن المغترب اللبناني قادر على كسر الجمود السياسي، إذا ما أُعطي حقه الكامل في التصويت.

هذا الاعتراف يجب أن يُترجم إلى خطوات عملية، تبدأ بإقرار قانون انتخابي عادل، وتنتهي بتطبيقه بشفافية في الاستحقاق النيابي المقبل.

بيروت تايمز تدعو إلى فتح نقاش وطني شامل حول هذا القانون، وإشراك الجاليات اللبنانية في صياغته، لضمان أن يكون القانون انعكاسًا حقيقيًا لطموحاتهم، وليس مجرد إجراء رمزي.

المغتربون ليسوا ورقة ضغط

من المؤسف أن يُنظر إلى المغتربين أحيانًا كأدوات ضغط انتخابي، أو كأصوات يمكن توجيهها حسب المزاج السياسي. لكن الحقيقة أن هؤلاء اللبنانيين المنتشرين في العالم، هم من أكثر الفئات ارتباطًا بالوطن، رغم ابتعادهم الجغرافي، وهم من أكثر الفئات حرصًا على مستقبل لبنان، لأنهم يرونه من الخارج، ويقارنونه بما يمكن أن يكون عليه. إن إشراكهم في الانتخابات ليس منّة، بل حق دستوري، يجب أن يُصان ويُكرّس، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، وبعيدًا عن التلاعب السياسي.

بيروت تايمز: نحو شراكة وطنية شاملة

بيروت تايمز تؤكد أن ملف انتخابات المغتربين يجب أن يتحوّل من خطاب إلى تشريع، ومن وعد إلى تنفيذ، ومن مناسبة إلى مسار دائم. فلبنان لا ينهض إلا بجميع أبنائه، في الداخل والخارج، ولا يستعيد عافيته إلا إذا أعاد بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها، أينما كانوا.

المغترب اللبناني لا يطلب امتيازًا، بل يطالب بحقه، وصوته ليس ورقة انتخابية عابرة، بل هو حجر أساس في بناء لبنان الجديد.

 

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment