bah السقوط دائما مكلف - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

السقوط دائما مكلف

05/28/2025 - 19:41 PM

absolute collision

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

عندما تجري الأمور بشكل جيد، يكون الجميع مسرورا والتفاؤل العام مرتفعا، ولا أحد ينظر الى الوراء أو يقيم احتمالات التعثر حتى لا نقول السقوط. هذا حصل في دول عدة أهمها في الولايات المتحدة في 2008 بعد سقوط مصرف "ليمان"، وفي لبنان في 2019 حيث كان القطاع المصرفي مزدهرا وسقط بسرعة.

كان الجميع في لبنان مسرورا بالنجاحات المصرفية التي امتدت من بيروت الى كل أنحاء المنطقة. لم يقيم أحد احتمالات الفشل، بل اعتقد الجميع أن السقوط وان وقع لن يكون قاسيا. في ظروف الازدهار، الجميع يرقص فرحا ومن لا يشارك في الاحتفالات يبقى معزولا ويدفع الثمن. الفارق الكبير بين الوضعين الأميركي واللبناني هو أن الادارة الأميركية وقتها تدخلت وخففت الأوجاع وعالجت الخسائر بينما الادارة اللبنانية لم تفعل ذلك. الفارق غير مرتبط بالقدرة المادية على مواجهة الأوضاع السيئة، بل بالقدرة العلمية على تصميم كيفية تخفيف المخاطر والخسائر.

في الوضع الأميركي في 2008 تدخلت الادارة ماديا وتشريعيا وتحديدا في الرقابة، ليس لحبها للشركات والمصارف وانما لتجنب سقوط كل الاقتصاد بكافة مؤسساته وقدراته. في لبنان الكلام كان كثيرا والعمل قليلا ليس عجزا وانما لغياب الرؤية التي يجب توضيحها واعلانها لتخفيف الخسائر. حاليا ونتيجة الحوار المتجدد مع صندوق النقد الدولي ومع بداية العهد الجديد، أصبحنا نأمل خيرا تجاه حصول حلول لأزمتنا المالية المصرفية الكبرى وخاصة للودائع.

في الوضع الأميركي، قال "بن برناكي" حاكم المصرف المركزي السابق اننا وصلنا الى حافة الانهيار لكن السياسات التي اعتمدت تبقينا واقفين بصعوبة تامة. في لبنان وقع الانهيار اذ تخطينا الحافة ووقعنا لأن المواجهة لم تتم. القطاع المصرفي اللبناني كان مثالا للانتاجية والتنافسية وبالتالي سقوطه ما زال مكلفا ماديا ومعنويا.

نعلم جميعا أنه لا يمكن لأي اقتصاد أن ينتعش من دون قطاع مصرفي سليم وفاعل. نعلم أن القطاع المصرفي يشكل الدورة الدموية لأي اقتصاد، وكما أن الانسان لا يعيش من دونها كذلك الاقتصاد لا يعمل من دون قطاع مصرفي فاعل. دور المصارف هو اقراض القطاع الخاص للاستثمار وبالتالي للنمو.

ماذا فعلت الادارة الأميركية لمواجهة الأزمة التي لم تأت من لا شيء بل من العديد من الأخطاء والاهمال والتهور ومن ضعف الرقابة التي يجب أن تترافق مع أي موضوع مالي ممول من الشعب؟ قامت بتأمين الأموال للاقتصاد لمواجهة الركود ووسعت شبكة الآمان الاجتماعية لحماية الفقراء كما أمنت دعما ماليا كبيرا عبر الموازنة.

خفض المصرف المركزي الفوائد لتسهيل الاقتراض أي خفض تكلفته مما يعني زيادة السيولة المتوافرة للشركات والمواطنين. ارتفع حجم ميزانية المصرف المركزي الذي أعطى ضمانات وقروض كما اشترى أصولا لزيادة السيولة في الأسواق. أمم المصرف المركزي احدى أكبر شركات التأمين AIG لتجنب الكثير من الخسائر التي يمكن أن تلحق بالمواطنين. حلول جيدة وسريعة خففت حجم الخسائر، لكن التعلم من الأخطاء والتقصير يبقى مطلوبا.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment