* يعمل الذكاء الاصطناعي على تخصيص الرعاية عبر تحليل البيانات الصحية الفردية،
مما يساعد في وضع خطط علاجية مصممة خصيصًا لكل مريض وتحقيق نتائج صحية أفضل
* يمكن لكاميرات الهواتف الذكية الحديثة، عند دمجها مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي،
تحليل التغييرات الطفيفة في لون الجلد الناتجة عن تدفق الدم
بيروت - بيروت تايمز - اجرت الحوار الاعلامية منى حسن
الدكتور أحمد الريّس طالب دكتوراه في جامعة باريس للخريجين ومعهد المعرفة و الابتكار في فرنسا. محاضر في جامعة البلمند - كلية العلوم الصحية. مساعد باحث في الجامعة الأمريكية في بيروت. حاصل على بكالوريوس في العلوم بتخصص المختبرات الطبية، إضافةً إلى ماجستير في علوم المختبرات الطبية وماجستير آخر في الإدارة. حاليًا، هو طالب دكتوراه ويعمل على أطروحته التي تتناول كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في المختبرات الطبية.
كشف أحمد الريّس كيف تمكّن تقنيات الذكاء الاصطناعي وكاميرات الهواتف الذكية من مراقبة العلامات الحيوية والرفاهية الصحية دون تلامس، وتأثيراتها على الطب عن بُعد. وقال في حديثه لـ "بيروت تايمز "ان المستقبل واعد للغاية بالنسبة للذكاء الاصطناعي في مجال مراقبة الصحة عن بُعد. وإلى تفاصيل الحُوَار الشيق:
■كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي (AI) ثورة في مجال الرعاية الصحية؟
- يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًا في الرعاية الصحية من خلال تمكين الحواسيب من تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية بسرعة ودقة. يساعد هذا الأطباء في تشخيص الأمراض بشكل أسرع، والتنبؤ بكيفية استجابة المرضى للعلاجات، بل وحتى تخصيص الرعاية وفقًا للاحتياجات الفردية.
وفي مجال الطب عن بُعد (Telemedicine)، يعزز الذكاء الاصطناعي جودة الرعاية الصحية المقدّمة عن بُعد من خلال قياس العلامات الحيوية الأساسية (Vital Sign) ومؤشرات الصحة (Wellbeing indicators)، إلى جانب مراقبة وتحليل البيانات المستمدة من الأجهزة القابلة للارتداء والمستشعرات. هذا يُمكّن من إجراء تقييم صحي مستمر دون الحاجة لزيارات شخصية، مما يتيح الكشف المبكر، والتدخل السريع، وتحسين النتائج الصحية، مع تقليل التكاليف الطبية.
■ما هي العلامات الحيوية، وأيٌّ منها يمكن قياسه عن بُعد؟
- العلامات الحيوية هي مؤشرات ترسلها أجسامنا لتعكس كيفية أداء الوظائف الحيوية. وفيما يلي نظرة سريعة على أهم هذه العلامات:
•معدل ضربات القلب (HR) : وهو عدد ضربات القلب في الدقيقة. يتراوح المعدل الطبيعي للبالغين عادةً بين 60 إلى 100 نبضة في الدقيقة. ويوفر مؤشرات على صحة القلب واللياقة البدنية.
•معدل التنف (RR) : عدد الأنفاس التي يأخذها الشخص في الدقيقة. المعدل الطبيعي للبالغين يتراوح بين 12 إلى 18 نفسًا في الدقيقة، ويُعد مؤشرًا مباشرًا على كفاءة الجهاز التنفسي.
•تقلّب معدل ضربات القلب (HRV) : يقيس التغير في الفترات الزمنية بين كل نبضة قلب. ويدل ارتفاع هذا المؤشر على لياقة بدنية أفضل وقدرة أعلى على مقاومة التوتر، بينما قد يشير انخفاضه إلى ضغوط نفسية أو مشكلات صحية محتملة.
• مستويات التوتر:(Stress levels) على الرغم من أنها ليست علامة حيوية تقليدية، إلا أنه يمكن استنتاجها من خلال HRV ومؤشرات فسيولوجية أخرى. ويُعد التوتر المزمن عاملًا سلبيًا يؤثر على الصحة العامة، وتساهم مراقبة هذه العلامات في الكشف المبكر عن الحالات المرضية وتقييم فعالية العلاجات المُقدَّمة.
■كيف يمكن للهواتف الذكية قياس هذه المؤشرات الصحية؟
- يمكن لكاميرات الهواتف الذكية الحديثة، عند دمجها مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تحليل التغييرات الطفيفة في لون الجلد الناتجة عن تدفق الدَّم. وتُعرف هذه التقنية باسم التصوير الضوئي عن بُعد (rPPG)، وتُستخدم لتقدير معدل ضربات القلب ومعدل التنفس وحتى مستويات التوتر دون الحاجة إلى أي تلامس جسدي.
يكفي تسجيل مقطع فيديو قصير للوجه، ليقوم الذكاء الاصطناعي بمعالجة البيانات وتقديم إشارات صحية آنية، مما يجعل مراقبة الصحة أكثر سهولة وإتاحة.
■ما مدى دقة هذه القياسات التي تعتمد على الهواتف الذكية؟
- رغم أن الأجهزة الطبية التقليدية مثل تخطيط القلب (ECG) توفر قراءات أكثر دَقَّة، إلا أن الدراسات أظهرت أن القياسات المستندة إلى الهواتف الذكية باستخدام تقنية rPPG والذكاء الاصطناعي تُعد دقيقة إلى حد كبير لمراقبة الصحة العامة.
قد تؤثر ظروف مثل الإضاءة، ولون البَشَرَة، والحركة على مستوى الدَّقَّة، لكن التطورات المستمرة في الذكاء الاصطناعي تسهم في تحسين موثوقية هذه الأدوات. وبالتالي، فإن هذه التقنية تُعد حلًا عمليًا للرصد اليومي والكشف المبكر.
■كيف تُفيد هذه التقنية في الطب عن بُعد ) (Telemedicineوالرعاية الصحية الرقمية (Digital health) ؟.
- يوفر الذكاء الاصطناعي المدعوم بتقنيات المراقبة الصحية عن بُعد العديد من الفوائد الرئيسية. فهو يعزز سهولة الوصول إلى الرعاية الصحية، إذ يمكّن المرضى من متابعة حالتهم الصحية من منازلهم دون الحاجة لزيارات متكررة للعيادات.
كما يُتيح المراقبة المستمرة، مما يوفر بيانات صحية آنية تُمكّن من التدخل الطبي في الوقت المناسب. ويُساهم في خفض التكاليف من خلال تقليل معدلات الدخول للمستشفيات وتقليل الزيارات الحضورية.
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل الذكاء الاصطناعي على تخصيص الرعاية عبر تحليل البيانات الصحية الفردية، مما يساعد في وضع خطط علاجية مصممة خصيصًا لكل مريض وتحقيق نتائج صحية أفضل.
■ هل هناك تحديات أو قيود لهذه التقنية؟
- رغم الفوائد العديدة لمراقبة الصحة عبر الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك بعض التحديات. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر الإضاءة السيئة أو الحركة الزائدة على دقة القياسات.
هناك أيضًا مخاوف تتعلق بالخصوصية، نظرًا لحساسية البيانات الصحية التي تتطلب تدابير أمنية صارمة لحمايتها.
وقبل أن يتم اعتماد هذه الأدوات على نطاق واسع، يجب أن تخضع لعمليات الموافقة التنظيمية للتأكد من أنها تلبي المعايير الطبية وتكون آمنة وموثوقة للاستخدام في الرعاية الصحية اليومية.
■ما هو مستقبل الذكاء الاصطناعي في مراقبة الصحة عن بُعد؟
- يبدو المستقبل واعدًا للغاية بالنسبة للذكاء الاصطناعي في مجال مراقبة الصحة عن بُعد. ونتوقع ما يلي:
• تحسين الدقة: ستستمر خوارزميات الذكاء الاصطناعي في التطور لتقديم نتائج أكثر دقة.
• الدمج مع الأجهزة القابلة للارتداء: سيؤدي الجمع بين قدرات الهواتف الذكية وأجهزة تتبع اللياقة إلى توفير حلول متكاملة لمراقبة الصحة.
• الرعاية التنبؤية: لن تقتصر وظيفة الذكاء الاصطناعي على مراقبة الحالة الصحية الحالية، بل سيتوقع المشكلات الصحية المحتملة ويتيح التدخل الوقائي المبكر.
• توسيع نطاق الوصول العالمي: ومع انخفاض تكاليف التكنولوجيا، ستصبح هذه الأدوات متاحة لعدد أكبر من الناس، بما في ذلك أولئك في المناطق النائية أو ذات الخِدْمَات الصحية المحدودة.
تُمهّد هذه التطورات الطريق لرعاية صحية أكثر استباقية، وشخصية، وشمولية.
بيروت تايمز
Comments