لبنان والبرازيل على طريق التعاون الأكاديمي الموسّع

05/23/2018 - 13:08 PM

San Diego

 

بقلم: محمد زريق

يعود تاريخ العلاقات اللبنانية البرازيلية إلى قديم الزمن عندما هاجر اللبناني إلى بلادٍ غريبة باللغة والثقافة والعادات والتقاليد، ولكنه قد تغلب على كل المصاعب بفضل إصراره وعزيمته وجعل من البرازيل وطناً ثانياً له.

ومع مرور الزمن وتوالي الأجيال، أصبحت علاقة اللبناني بالبرازيل علاقة عضوية، فكلمة "مغترب" لم تَعُد تليق به لأنَّ البرازيل أصبح وطنه، ولربما أصبح "مغترباً في وطنه الأم (لبنان)"، هذه هي الحال لدى غالبية الأجيال التي ولدت وترعرعت في البرازيل ولا تعرف عن هذا الوطن سوى اسمه.

هكذا استوطن اللبناني في البرازيل، فغالبية أبناء الجالية اليوم وخصوصاً المتحدرين من أصل لبناني هم غير ناطقين بالعربية وعلاقتهم بلبنان هي عبر الصور والحكايات أو الزيارات المحدودة، ولكن يبقى رابط الدم هو الأقوى والذي لا يمكن للزمن أن يغيره.

بدأ المغترب اللبناني بالأعمال الزراعية والتجارية البسيطة، ولكن بفضل إصراره وعزيمته استطاع أن يستحوذ على إعجاب البرازيليين وأن يصنع لنفسه بصمته الخاصة والدائمة في المجتمع البرازيلي من خلال ولوجه ميادين الثقافة والسياسة والإعلام والفن والتجارة، والمثال الأبرز هو الرئيس البرازيلي الحالي ميشال تامر ذو الأصول اللبنانية.

ومع تقدم عمر الجالية اللبنانية في البرازيل أصبح من الضروري إقامة علاقات مميزة بين البلدين، هذه العلاقات تطال جميع الميادين، ومن ضمنها التركيز على العلاقات الثقافية وتعزيز التعاون العلمي.

إنَّ التعاون العلمي والثقافي قد أخذ شكل التفاهمات بين الجامعات والتواصل البنّاء بين مؤسسات التعليم العالي، وتبادل المدرسين والموظفين في مؤسسات التعليم العالي، وتسهيل عملية تدريس اللغة والتاريخ والأدب والثقافة وغيرها من جوانب الحياة في كلا البلدين، وإقامة المؤتمرات والإجتماعات الثقافية والعلمية، وتسهيل تبادل المعلومات والخبرات على جميع المستويات.

التبادل العلمي شمل إعطاء المنح الدراسية والإعتراف المتبادل من قبل مؤسسات التعليم العالي بالشهادات والمؤسسات التعليمية وفقاً للقوانين المعمول بها في كل دولة، وإبرام التفاهمات لدعم المشاريع الأكاديمية المشتركة، وقد طال التبادل دعم ترجمة الأعمال الأدبية، ونشر الأعمال الفنية (مسرح، سينما، موسيقى، معارض) التابعة لكل بلد، والتعاون بين المدارس الفنية والمتاحف والمكتبات.

وبالطبع للّجنة الثقافية اللبنانية البرازيلية المشتركة دور فاعل في ترسيخ هذه العلاقة، بالإضافة إلى البعثات الدبلوماسية والمراكز الثقافية وكل شخص مهتم ويسعى إلى تعزيز هذه العلاقة.

أما الحدث الأكاديمي الأبرز والأحدث فهو اللقاء الذي جرى في المركز الثقافي البرازيلي حيث حضرت مجموعة من عمداء الجامعات البرازيلية واللبنانية، وذلك يوم الأربعاء المنصرم في السادس عشر من شهر أيار، ويعتبر هذا اللقاء خطوة هامة على صعيد تطوير العلاقات الأكاديمية بين الجامعات لأنَّ موضوع التعاون بين الجامعات قد أخذ الحيز الأكبر من المناقشات بين العمداء والحاضرين.

وقد ألقى الكلمات كل من السفير البرازيلي في لبنان السيد جورج قادري، ورئيس جامعة الروح القدس الأب البروفيسور جوزيف جبرا، ورئيس الجامعة اللبنانية الأميركية، ورئيس المجلس الوطني للبحوث العلمية وغيرهم.

أما من الضيوف فقد تحدثت رئيسة الجامعة الإتحادية في ساو باولو السيدة ثريا صميلي، وهي الممثلة لمجموعة كويمبرا للجامعات البرازيلية، وهذه المجموعة تضم ما يزيد عن 70 مؤسسة تعليمية في البرازيل، بالإضافة إلى غيرها من المتحدثين والمشاركين.

تعتبر هذه الخطوة مفصلية على الصعيد الأكاديمي ويجب التوقف عندها، لأنها تبني إلى نقل التعاون الثقافي والأكاديمي إلى آفاق أوسع تليق بالعلاقة اللبنانية البرازيلية التاريخية وبالجالية اللبنانية في البرازيل.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment