بقلم الدكتور لويس حبيقة
التحديات الأساسية التي تواجه الرئيس ترامب في عهده الثاني ترتبط بمدى قبول المجتمع الدولي بسياساته غير الجامعة حتى داخليا كالتعريفات الجمركية على أكثرية السلع المستوردة ومن أكثرية الدول. فوضع تعريفات على الاستيراد، والمقصود هنا رفع سعر الواردات لانتاج بدائل داخلية، يساهم بتقوية الصناعة الأميركية وتعزيز دورها في الاقتصاد العام. ينسى ترامب أن التعريفات الجمركية ترفع أسعار السلع المستوردة وبالتالي ترفع تكلفة المعيشة وتقوي التضخم العدو الأول للمواطن الأميركي.
حتى تنجح هذه السياسة، يجب ان ينتج الاقتصاد المحلي سلعا توازي السلع المستوردة، بحيث يرتفع العرض لمواجهة الطلب وعندها تبدأ الأسعار بالانخفاض. هذا غير متوافر اليوم في العديد من السلع التي يرغب الأميركي بشرائها. هذا هو قلب الصراع القائم بين ترامب ورئيس المصرف المركزي الذي يخشى التضخم اذا ما خفض الفوائد. أما الرئيس ترامب، فهمه تنشيط الاقتصاد حتى على حساب التضخم وهذا في غاية الخطورة والتسرع.
يهدد ترامب بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي وهذا غريب عجيب اذ كيف يمكن تصور حلف عسكري غربي من دون أميركا؟ هل هذا هو الوقت المناسب للتهديد به بوجود حروب عدة تفرض التوجه بالطريقة المعاكسة وأهمها حرب أوكرانيا. هل من مصلحة أميركا والعالم اضعاف الناتو في ظروف عالمية كالتي نعيش فيها؟
أما مناقشة دور المرأة في السياسة والاقتصاد والجيش فهي جديدة أميركيا وترامبيا. هنالك مجموعات مؤيدة للرئيس ترامب تريد اعادة دور المرأة الاجتماعي الى الوراء. منهم من يريد ابعادها عن السياسة وعن المشاركة في القتال ضمن الجيش بل عن المساهمة في نهضة المجتمع ككل. نعتقد في دولنا النامية أننا المجتمعات الوحيدة المتخلفة اجتماعيا، ونتفاجأ بأن هنالك أخرى "متقدمة" لا تقل عنا سوأ. ماذا يحصل بالعالم؟ هل هذا جنون أم تغيير ظالم في العقليات مسيء الى المستقبل والى أقسام من المجتمع.
يدخل موضوع الهجرة في صلب العقيدة الترامبية حيث يريد ليس فقط تقييد الاستقبال بل أيضا طرد ملايين المهاجرين والعمال غير الشرعيين. لكن كيف؟ هل هنالك امكانية لتحقيق ذلك؟ هل يكلف الجيش الأميركي بهذه المهمة وكيف يجدهم في الشركات والمنازل والمعامل؟ مهمة صعبة حتى لا نقول مستحيلة ستوتر الأوضاع الاجتماعية الداخلية وتؤثر سلبا على الشركات التي تستفيد من عمالة جيدة رخيصة. اذا نجح في طردهم فهل يرسلون جميعا الى المكسيك ودول أميركا الوسطى والجنوبية؟ صرحت الرئيسة الجديدة للمكسيك بأنها ستقفل الحدود أمام المسافرين غير الشرعيين. مشكلة كبيرة وحلها شائك اذا وجد وبسيف ذو حدين.
أخيرا موضوع المناخ والاتفاقيات الدولية المرتبطة به كما غيرها من المعاهدات الدولية. انسحب الرئيس ترامب من قسم منها سابقا وعاد بايدن اليها ومن المتوقع أن ينسحب ترامب مجددا وبالتالي يترك الدول النامية والفقيرة في المجهول بحيث تسؤ الأوضاع الصحية والاجتماعية كافة. ما نشهده من تغيرات مناخية مخيفة في الطقس يسبب خسائر بشرية ومادية دائمة في كل الكرة الأرضية.
Comments