بقلم الدكتور لويس حبيقة
أي ادارة حكومية جدية ومسؤولة تحتاج الى خبرات اقتصادية كفؤة تدلها على الطريق الصحيح أو تنصحها باتجاه سياسات تكون في مصلحة الاقتصاد العام والشعب. في الدول المتقدمة اقتصاديا هنالك مؤسسات عامة تقوم باعطاء الاستشارات والقيام بالدراسات المطلوبة والمناسبة التي يحتاج اليها البلد. هذا لا يمنع طبعا وجود مؤسسات خاصة تكلفها الدولة القيام بأعمال معينة لمصلحة القطاع العام. لا شك أن للاعلام دور كبير ومسؤول في اظهار الكفاءات العلمية والثقافية للرأي العام وأن لا تحصر صفحاتها فقط للتقليديين من أصحاب الفكر والعلوم. تطور العلوم كما الحاجات العامة يفرض وجود أراء وكفاءات متعددة في مختلف الميادين.
في الولايات المتحدة مثلا هنالك مجلس المستشارين الاقتصاديين المؤلف من 3 أشخاص مع عدد من الموظفين يقومون بارشاد الرئيس حول السياسات والقرارات التي يحتاج اليها الاقتصاد. هنالك مؤسسات رسمية أخرى متخصصة أكثر تقوم بواجبها الاستشاري التفصيلي لصالح الادارة. ما يميز أميركا هو وجود معاهد ومؤسسات بحوث في مختلف الجامعات تفيد الاقتصاد العام وتحصل على العديد من المنح الرسمية كي تستمر في القيام بأعمالها.
في عدد من الدول الأوروبية هنالك مستشارون معظمهم من أساتذة الجامعات يعطون رسميا النصائح لرئيس الدولة أو لرئيس الحكومة لتحقيق نتائج فضلى لصالح الشعب. في معظم الدول النامية والناشئة لا تؤخذ الاستشارات جديا اذ يعتبر السياسيون عموما أنهم يفهمون أكثر من المستشارين وبالتالي لا حاجة للاستماع اليهم وخاصة لا حاجة للسير بما يقترحون. هذه مشكلة نضوج قبل أن تكون مشكلة جهل أو معرفة بالأشخاص الذين يعملون معهم.
للموضوعية وعالميا وحتى في الدول المتقدمة، يقدم الاقتصاديون العديد من النصائح التي يتم تجاهلها. فهل هي مشكلة السياسيين أو مشكلة الكفاءة عند الاقتصاديين؟ يقول الأستاذ "ألان بلايندر" المتخصص في هذه المواضيع والخبير في الشؤون الاستشارية أن المشكلة مزدوجة اذ يجب على الاقتصاديين أن يحسنوا طريقة تخاطبهم مع السياسيين أي يقللوا من استعمال العبارات التقنية ويستعملوا التخاطب العام العادي الواضح كي يحسن السياسيون فهمه.
فالسياسيون يمكن أن يكونوا أطباء أو فنانين أو حرفيين وبالتالي من الممكن أن لا يفهموا التقنيات الاقتصادية حتى البدائية منها. اذا هنالك جهد يجب أن يبذل من قبل الخبراء خاصة وأن أكثريتهم تأتي من الجامعات ويتقنون التقنيات أكثر بكثير من الخطوات العملية والتطبيقية.
من ناحية أخرى، المطلوب من السياسيين أن يحسنوا معلوماتهم الاقتصادية أي الاقتصاد البدائي كي يتم التخاطب مع الاختصاصيين بسهولة أكبر. في بعض الدول الأوروبية والأميركية يأخذ السياسي بعض الدروس في الاقتصاد كي يستطيع القيام بعمله على أفضل وجه. مفهوم العلوم هو مفهوم متحرك وبالتالي متابعة ما يجري على الساحة العلمية الدولية يتطلب الكثير من الجهد والمتابعة والاقتناع بأننا كمواطنين بحاجة دائمة الى التطور والمتابعة. أين نحن في دولنا النامية من هذا التصرف الناضج الذي ينعكس عاجلا أم آجلا ايجابا على مصالح الشباب ومستقبلهم؟
Comments