الرئيسية

الاقتصاد

خسائر كبيرة تتراكم

07/17/2025 - 00:41 AM

بقلم الدكتور لويس حبيقة

يظلم الاقتصاد اللبناني اذ يتحمل نتائج أهم الحروب الاقليمية. يظلم الاقتصاد أو ظلمنا أنفسنا في وقت تنعم خلاله معظم الدول المجاورة بالهدوء والاستقرار. حملنا كلبنانيين أهم القضايا العربية على أكتافنا وحاولنا ايجاد العدالة الغائبة. لم نكن متفقين حول الدور الذي يجب أن نلعبه وهذا أضعفنا وسبب خلافات حادة بيننا. هنالك أسباب سياسية للخلافات، لكن هنالك أيضا أسباب طائفية ومذهبية وثقافية عمقت الفجوات. نتائج حرب غزة على لبنان سلبية وكبيرة وستكبر مع الوقت إذا لم نقم حكومة وشعبا ومجتمعا وقيادات بخطوات جريئة وسريعة.

منذ 2019 والاقتصاد اللبناني يسقط وأهم مزاياه انهيار الليرة والقطاع المصرفي. تعويضات اللبنانيين، جنى العمر، وودائعهم الصغيرة محجوزة في المصارف ولا أفق واضحة لكيفية استردادها. طالما لم تعد الثقة الى القطاع المصرفي لن يتعافى لبنان. كل القطاعات الاقتصادية تضررت وخسرت حجمها ورونقها ونوعيتها. أين صناعاتنا اليوم من صناعات الأمس. نفس الموضوع يسري على الزراعة والخدمات التعليمية والصحية والمالية وغيرها. لبنان اليوم ليس كلبنان الأمس خاصة من ناحية نوعية الانتاج.

نحاول حديثا ادخال التكنولوجيا المتطورة للنهوض، لكننا ما زلنا بعيدين عن النجاح. الخسارة الأهم هي ما يرتبط بالشباب حيث فقدنا مستويات تعليمية عالية استثنائية مبدعة خاصة في القطاع الجامعي. العدد المرتفع للجامعات والكليات بالاضافة الى نوعية التعليم والبحوث ساهمت كلها في اضعافنا. أسواء نتائج الوضع الحالي العام هو دفع الشباب والشابات نحو اليأس وبالتالي الى الهجرة. ماذا يمكننا أن نفعل وكيف نحكم العقل والمنطق للوصول الى شاطئ الآمان؟

نجحنا في ملئ الفراغات السياسية وما زلنا بحاجة الى ملئ الفراغات الادارية بينها المالية والقضائية. يجب اعادة ثقة المواطن بالمؤسسات العامة لأن من دونها لا دولة ولا مستقبل للبنان. يجب تفعيل المؤسسات العامة التي تساعد الشباب والشابات على ايجاد فرص عمل مناسبة كي لا تغادر. مجددا يجب دعوة صندوق النقد الدولي الى لبنان لاحياء الاتفاق الأولي. توقيع الاتفاق النهائي يسمح للصندوق باقراض لبنان بضعة مليارات من الدولارات. لكن الأهم هو أن الدول الشقيقة والصديقة ستقرض أو تمنح لبنان، عبر هذه الاتفاقية، مليارات أخرى تسمح للاقتصاد بالنهوض بسرعة. اقتصادنا صغير وبالتالي مليارات قليلة من الدولارات تكفي لانعاش المجتمع والمواطن. محاربة الفساد ضرورية ويجب البدء بها فورا، علما أن الوقت هو أيضا عامل أساسي للنجاح.

يجب الاهتمام بالتغيير الديموغرافي الذي يغير وجه لبنان. ليست المشكلة بين اللبنانيين بل مع اللاجئين والنازحين والقادمين قسرا والذي يخلقون أجواء تسيء الى جاذبية لبنان كاقتصاد. هنالك تكلفة كبيرة للاستضافة في وقت يعجز المجتمع عن تمويل التكلفة التعليمية والاستشفائية والغذائية للبنانيين أنفسهم. مهم جدا أن نعود الى النمو لتضييق فجوات الدخل والثروة ومحاربة الفقر والحفاظ على البيئة. واجب المصرف المركزي الاهتمام بسعر صرف الليرة تجاه الدولار والتركيز على اعادة الودائع الى أصحابها. سعر الصرف مهم جدا في اقتصاد يستورد معظم حاجاته.