بقلم الدكتور لويس حبيقة
هنالك فوارق كبيرة بين المدن في الدول الصناعية وتلك الموجودة في الدول النامية والناشئة وخاصة العربية. تحتوي الدول الصناعية على مجموعة مدن متقاربة في التنمية ولها نفس الميزات باستثناء الجغرافيا الطبيعية. للعاصمة ميزات واضحة بسبب توجه استثمارات كبرى اليها والأمثلة عديدة. ما الذي يميز مثلا باريس عن المدن الفرنسية الأساسية الا الحجم والتاريخ. جميعها تتمتع بنفس مواصفات التقدم وكلها جاذبة للمستثمر والمستهلك وللسياحة.
بعض الدول تختار مدينة صغيرة وتجعلها عاصمتها. فواشنطن ليست مدينة كبيرة مقارنة بنيويورك وشيكاغو ولوس أنجلس وغيرها، لكنها اختيرت عاصمة لأنه من غير المرجح أن تكتظ كالمدن الكبيرة. كذلك الأمر بالنسبة للعاصمة البرازيلية التي لا يمكن تشبيهها حجما بساو باولو أو الريو.
لا تتمتع المدن العربية عموما بنفس مواصفات المدن الغربية. نعيش في المنطقة في ظروف حرب منذ عقود تؤخر تطور مدننا. يجب التمييز هنا بين مدن دول مجلس التعاون الخليجي والمدن الأخرى في المنطقة، ويمكن للمرء أن يرى بنفسه الفارق الكبير في التنمية بين دبي من جهة مثلا وبيروت من جهة أخرى. ما تحتاج اليه دول المنطقة عموما هي الاستثمارات في كل البنية التحتية كما الفوقية لرفع المستويات التي يجب أن تنقلنا الى عالم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة.
تحتاج الى تجديد طرق التعليم كما كافة التكنولوجيات في ميادين الصحة والهندسة والاعلام وغيرها. ليس المهم فقط ايجاد الأموال للاستثمار بل الأهم هو انتقاء أفضل السياسات والاستثمارات والأدوات كي تكون نوعة الانتقال بين اليوم والمستقبل أفضل الممكن.
من أهم ما يشغل التنظيم المدني في معظم الدول الغربية وبعض العربية هو تأمين المقومات لادخال السيارات الكهربائية اليها والتي تشكل سلاحا كبيرا ضد التلوث وبالتالي عاملا لتطوير البيئة. هذا يؤثر ايجابا على مستوى التلوث المحلي ويخفض تكلفة استهلاك السيارة كما يحقق آمان الطاقة خاصة في الدول المستوردة للنفط. أهم جزء من صناعة السيارة الكهربائية هي البطارية المكونة من معدن الليتيوم الخطر وفي نفس الوقت الفاعل. بانتظار بديل عنه لا بد من استعمال الليتيوم بعناية.
لبنان جغرافيا صغير ومدنه حتما قليلة وصغيرة. كل لبناني فخور بمدينته والجميع فخور بالعاصمة بيروت. مع أن أوضاع التنمية العامة لم تكن بالمستوى المطلوب، الا أن أوضاع بيروت يمكن أن تتحسن عندما نعرف الهدؤ ونفكر بالاستقرار على المدى الطويل. خصائص المدن وحدها لا تكفي لتقييم نوعية حياتنا، اذ ما هو مهم أيضا هو الطقس اللبناني والخدمات المتوافرة في المطاعم والمقاهي والفنادق كما المستشفيات.
لبنان اليوم ليس كلبنان الأمس لكن العودة الى المستويات السابقة يحتاج الى الأموال كما الى عودة العديد من اللبنانيين للقيام بورشة بناء تتطلب مساهمة عقولهم قبل أموالهم. اعادة لبنان الى الدور الاقتصادي الثقافي التقليدي ليس صعبا، لكنه يتطلب بذل الجهود من قبل السلطة المركزية كما من قبل البلديات المنتخبة حديثا والتي تحتوي على كفاءات يشهد لها.
Comments