bah العمل والتحول التكنولوجي - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

العمل والتحول التكنولوجي

05/16/2025 - 19:15 PM

Prestige Jewelry

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

تحول الاقتصاد العالمي خلال القرون الماضية من زراعي الى صناعي وثم لاحقا الى خدماتي. لم يقتصر التأثير على الانتاج والنمو وانما ساهم في خلق ما عرف ب "العالم المعاصر" المبني على الديموقراطية والحريات. لم يكن الانتقال سهلا للشعوب لأن العالم المتغير ارتكز على الانفتاح، أو ما سمي لاحقا بالعولمة كما على التشغيل الآلي الذي سبب الانتقال الكبير والسريع. يقول الاقتصاديان "أورورك" و "ويليامسون" أن العالم الجديد بدأ في سنة 1820 حيث أحدثت التغييرات ثورة في الاقتصاد، أي عندما أصبحت أسعار السلع محددة ليس محليا وانما دوليا. أما العولمة فتأثيرها كان حول طريقة دفع النمو الاقتصادي عبر التجديد المؤثر على عوامل الانتاج الثلاثة، الانساني والمادي كما المعرفة.

التأثير على توزع الدخل كان كبيرا. فحصة ال 5% الأغنياء من الدخل الوطني البريطاني مثلا ارتفعت من 35% الى 40% في فترة 17591867. لكن الفجوة ضاقت لاحقا مع ازدهار الصناعة حيث أن حصة ال 5% الأغنياء من الدخل الوطني انخفضت من 40% الى 20% في بداية سبعينات القرن الماضي. أتى التغيير من انتقال مصادر الانتاج من الأرض الى رأس المال. لكل عامل فوائده الاقتصادية والاجتماعية والانسانية التي لم تكن واضحة سابقا لكنها أصبحت مفهومة جدا اليوم.

المعروف دائما أن أسواق العمل تعكس التطورات الاقتصادية العامة وتؤثر عليها في نفس الوقت. الاقتصاد العالمي يتغير وكذلك أسواق العمل مما يؤثر ليس فقط على النمو وانما أيضا على البنى الفوقية أي التعليم في كل مراحله وأنواعه خصوصا التقني والجامعي. ما ندرسه اليوم في جامعاتنا يجب أن يناسب خصائص الاقتصاد العالمي ليس فقط لاستيعاب التغييرات وانما خاصة للتأثير عليه وعلى تطوره. عندما كان العالم مرتكزا على الزراعة، كان المطلوب يد عاملة تفهم بالأرض، لكن عندما أصبحت الصناعة هي أساس الاقتصاد العالمي تغير كل شيء ليس فقط في خصائص الاقتصادات الوطنية وانما في التعليم والتدريب حيث أصبح الاختلاف كليا مقارنة بالاقتصاد الزراعي.

أما اليوم فجميعنا يعرف ما هو القطاع الأهم عالميا! طبعا الخدمات وأوجهها المتعددة من مالي وسياحي وغيرها. العالم يتغير ومعه العمل وخصائصه اذ دخل التحول التكنولوجي في كل زاوية من الاقتصاد. التكنولوجيا في أوجهها المهمة كالذكاء الاصطناعي تؤثر ليس فقط على الانتاج وانما أيضا على الاستهلاك. أسواق العمل الحديثة تتغير باتجاه التكنولوجيا المتنوعة وكيفية الاستفادة منها لرفع مستوى المعيشة.

في كل التحولات والثورات الاقتصادية هنالك أوجاع تحدث بسبب ضرورة التأقلم، وأرباح تأتي نتجة تأثير التغيير على الاقتصاد. من الأوجاع انتقال العمالة من الزراعة الى الصناعة وثم الى الخدمات. هذا ليس سهلا لأن عوامل وطرق الانتاج مختلفة. من الأوجاع انتقال السكان من المزارع الى المدن وهذا مهم، أي تغيير كبير في طريقة وتكلفة الحياة. أما النوعية الثالثة من الأوجاع فهي ارتفاع فجوة الدخل والثروات بين السكان بسبب انتقال قوة الاقتصاد بين القطاعات.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment