bah المهم والأهم للانسان - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

المهم والأهم للانسان

05/10/2025 - 15:54 PM

Atlas New

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

قال الاقتصادي "ريشارد تايلر" ان الحكومات ترتكب خطأ عندما تركز على ما هو قابل للتقييم مقارنة بما هو مهم لحياة الانسان لكن تقييمه صعب. ما يهم المواطنين أولا هو سعادة وسلامة عائلاتهم ونجاح أولادهم، وما دخلهم أو ثروتهم الا وسائل للوصول الى الأهداف الحقيقية. من منا لا يعرف مواطنين أغنياء أو ذو دخل مرتفع وهم في غاية التعاسة لأسباب انسانية عائلية أو مجتمعية؟ خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة تساءلت وسائل الاعلام خاصة الموالية للحزب الديموقراطي عن سبب عدم شعور المواطن الأميركي بالرضى تجاه سياسات الرئيس بايدن الاقتصادية بالرغم من وجود مؤشرات ايجابية.

لماذا لم ينعكس الوضع الاقتصادي الايجابي على شعبية الرئيس بايدن والمرشحة هاريس. الجواب هو أن المؤشرات الاقتصادية الايجابية لا تكفي لارضاء المواطن في مجتمع يعاني من اضطرابات كبيرة أهم مظاهرها الجرائم التي تحصل في المدارس والجامعات والناتجة عن توافر السلاح القاتل المحمي دستوريا. كما أن المواطن غير راض عن أجواء السلم الأهلي وارتفاع نسب التطرف الديني والعرقي والمناطقي في المجتمع. المواطن الأميركي غير راض عن أوضاع الهجرة وانعكاسها السلبي على عمل الأميركي. جميع هذه الوقائع سببت فوز ترامب ونائبه فانس في الانتخابات الأخيرة بأكثرية مريحة جدا.

العديد من الأميركيين العاديين تساءلوا عن أسباب تدخل دولتهم ماديا وسياسيا وأمنيا في دول ومناطق في وقت يحتاج المواطن نفسه الى الكثير من العناية والرعاية والانتباه. أي دولة تحترم نفسها تهدف الى الحفاظ على كرامة المواطن وليس فقط على دخله. بعض الحكومات يوازي بين الناتج المحلي الاجمالي وسعادة الانسان. هل ارتفاع الناتج يؤدي الى تحسن كرامة الانسان وسعادته؟ هل الحصول على فرصة عمل مع دخل مرتفع يؤثر ايجابا على كرامة الانسان؟

ما هو دور الحكومة في هذا الايطار؟ هل دورها مادي فقط دون أي محاولة للتأثير على معنويات المواطن التي تنعكس ايجابا على انتاجيته وبالتالي على دخله وشعوره بالمساهمة الايجابية في سعادة مجتمعه؟ فالنمو مهم لكن من الخطاء جعله الهدف الأساسي لأي عمل حكومي. النمو مهم لكنه لا يكفي لرفع الرفاهية في المجتمع التي تحتاج الى سياسات أخرى ترفع المعنويات والشعور بالثقة. فالتركيز على نسب ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي لوصف واقع الدولة لا يكفي بل يخلط فعلا بين الوسيلة أي الناتج والهدف وهو سعادة الانسان وشعوره الايجابي.

عندما يسعى المواطن الواعي الى ايجاد فرصة عمل له أو لأولاده، لا ينظر الى الأجر كمؤشر أول لقبول أو رفض الفرصة. هذا المواطن ينظر الى أوضاع الموظفين في الشركة وهل هنالك احترام لكرامة الموظف وعمله وحقوقه. طبيعة الوظيفة ومحتواها هما أهم بكثير وأكبر بكثير من أجر ومنافع مهما كانا. للأسف ينظر المواطن العادي في معظم الأحيان الى الأجر فقط، وهذا قصر نظر لا بد وأن ينعكس سلبا على أوضاعه العملية عندما يتبين له ان اختياره الوظيفي كان خاطئا.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment