bah سعر الصرف الحر - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

سعر الصرف الحر

04/27/2025 - 16:56 PM

Atlas New

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

من أصعب القرارات الاقتصادية المالية التي تتخذها الحكومات أو الأجهزة الرسمية هي سياسة سعر الصرف. كتب الاقتصادي الكبير "هاري جونسون" الذي أمضى حياته يدرس أسعار الصرف ان السعر الحر يبقى الأفضل خاصة اذا اعتمدت الدول سياسات اقتصادية مستقلة مع علاقات تجارية ومالية خارجية حرة. كما قال "ونستون تشرشل" بشأن النظام الاقتصادي الحر أنه الأقل سؤا وليس مثاليا. كذلك نظام سعر الصرف الحر هو الأفضل عموما وليس مثاليا. يمكن تحسين هذا النظام عبر علاقات دولية أوسع ترتكز على التعاون لمواجهة المشاكل المشتركة. تحالف الدول السبعة الكبرى G7 يصب في هذا الايطار.

أما سياسات سعر الصرف الثابت فهي تشجع على المضاربة لتحريك السعر وجني الأرباح، وهذا ما حصل في الأزمات النقدية. تغيير السعر قسريا يفقد الدول مصداقيتها في علاقاتها الداخلية والدولية. اذا كان غير ممكنا اعتماد سعر صرف حر خوفا، أو لأن الاقتصاد غير جاهز له يمكن اعطاء بعض المرونة لسعر الصرف الثابت بحيث لا ينكسر بدرجات كبيرة ويضر بالجميع خاصة أصحاب الأجور والفقراء.

في لبنان مثلا اعتمد المصرف المركزي لسنوات طويلة سياسة سعر الصرف الثابت لليرة تجاه الدولار مع بعض المرونة. استمرت السياسة لسنوات وكانت لها تأثيرات كبيرة في دعم الاستقرار الداخلي. لكن سياسات الدعم المغلوطة والأوضاع المتعثرة في الداخل والمنطقة ساهمت كلها في انفجار سعر الصرف وسقوط الليرة. خسر لبنان منذ 2019 ثلثي الناتج المحلي وأنحدر الدخل الفردي الى مستويات لم يعرفها سابقا. لو اعتمد لبنان سياسة سعر الصرف الحر لكان السعر انحدر حتما لكن بوتيرة أقل خطورة، وليس بانحدار قاس وسريع وكبير.

سياسات الدعم غير المنطقية كلفت لبنان الكثير في احتياطه النقدي. تكمن مشكلة لبنان خاصة في سؤ ادارة الدولة على مدى عقود طويلة. يملك لبنان 9,2 مليون أونصة من الذهب، ويقضي المنطق بأن يتصرف لبنان بجزء منها لتحفيز الاقتصاد ودعم نموه. الا أن الفساد الموجود في كافة أنحاء القطاع العام يمنع علينا تأييد هذا الاقتراح، وليبقى الذهب ذهبا الى ما شاء الله. مع بداية العهد الجديد وعودة الثقة الى القطاع العام والمسؤولين، لا بد وأن تتحرك السياسة النقدية باتجاه الاستقرار. هذا لا يعني سعر ثابت للصرف بل ادارة مرنة له مبنية على الوقائع والمصالح.

هنالك اقتصاد لا بد من أخذ العبر منه. فالادارة الصينية جدية والتكنولوجيا المعتمدة من الأفضل عالميا. لا ترغب الصين في أن يكون نقدها عالمي بالرغم من نموها المرتفع. سياسة سعر الصرف الحالية تتوجه بخطى ثابتة نحو الحرية وبالتالي تخفيف تدخل المصرف المركزي لحمايته. ارتفاع الأجور وتوجه المجتمع أكثر الى الاستهلاك سيضعان الاقتصاد الصيني في موقع تنافسي متقدم. تنفتح الصين أكثر فأكثر على العالم وأصبحت تستورد أكثر من السابق أي تنتقل عمليا من نموذج فريد الى أوضاع تشبه دول أخرى في قارات أخرى. مرحلة انتقالية طويلة وخطرة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment