بقلم الدكتور لويس حبيقة
لا يمكن بناء وتطوير قطاعات زراعية حديثة من دون رقابة عصرية تسمح بالتأكد من عمليات الانتاج في فعاليتها وتقنياتها وتنوعها بالاضافة الى السلامة المطلوبة. هنالك ضرورة لاحترام حقوق النقابات والجمعيات وغرف الزراعة التي تسعى للحفاظ على حقوق المزارع ومنع الاستغلال. النقابات الزراعية الفاعلة ليست عموما عديدة لأنها تفتقر للايرادات المالية التي تسمح لها بالوصول الفاعل الى مراكز القرار بل الى الاعلام المسموع والى الاعلان كما الى الرأي العام الناشط اجتماعيا. القطاع الزراعي الناجح، وهنالك أمثلة أوروبية عديدة تؤكد عليه، يحشد التأييد الشعبي والرسمي لسلامة القطاع ومستقبله. الزراعة المتنوعة السليمة هي الحياة لأن المأكولات والغذاء هي للجميع، ولا يمكن حصرها جغرافيا.
على كل وزارة زراعة تحديد الوسائل القانونية والمالية والادارية التي تسمح للقطاع الخاص بالانتاج وبالتالي تحقيق التحديات التي حددت رسميا. هنالك ضرورة لجذب تأييد السياسيين الرئيسيين في كل السلطات لتسهيل وضع القواعد والقوانين والاجراءات التي تصب لمصلحة المزارع والقطاع. في الزراعة، السلامة الغذائية أساسية وكم تحصل اليوم حوادث تسمم تؤذي خاصة الأطفال وكبار السن. من أهم المواضيع نوعية السماد الزراعي وجودة الأدوية الزراعية وهنالك أسواق سوداء مزدهرة تؤدي الى تسمم الانسان وأذية بعض أعضاء الجسم. التحديات الكبرى مهمة، لكن المهم أيضا تحديد الرؤية الواقعية التي تسمح بالتنفيذ وهي مبنية على الامكانات الحقيقية والقدرة على الانتاج والتسويق والتنويع وثم التجديد.
أفريقيا فقيرة وعانت كثيرا من الكورونا ومن سلاسل الامداد كما من التضخم العالي والتغير المناخي. كانت أنظمتها الغذائية قديمة مما سبب زيادة 60% في المجاعة القاتلة. كانت الانتاجية الزراعية منخفضة وبالتالي كانت الحاجة للتقدم كبيرة بالتزامن مع وجود مسؤولين فهموا التحديات واستعملوا بذكاء ثرواتها الطبيعية والبشرية لخدمة الشعب والاقتصاد. بعض دولها نجح زراعيا ودروسها موجودة للجميع. نذكر هنا 3 دول هي المغرب واثيوبيا ورواندا التي استطاعت بفضل سياساتها الحكيمة رفع مستوى أمنها الغذائي كما حسنت أوضاعها الاقتصادية.
في المغرب تم تحديد المشروع الأخضر في سنة 2008 الذي ساهم في تحديث الانتاج مع الحفاظ على السلامة البيئية. استعملت الموارد المالية بطرق جيدة وارتفعت المساحات المزروعة. ارتفع الناتج المحلي الزراعي 5,25% سنويا من 2008 الى 2018 أي أسرع من الاقتصاد العام الذي نما فقط بنسبة سنوية 3,8%. ارتفعت الصادرات الزراعية كما عدد فرص العمل في القطاع التي بلغت 342 ألف فرصة جديدة. نجحت المغرب زراعيا بفضل السياسات التي نفذت بشكل جيد وفاعل وسريع.
في اثيوبيا تم انشاء المؤسسة الزراعية في 2010 مما سمح للانتاج بالارتفاع بنسبة 76% وبالتالي تم انقاذ 150 ألف شخص من المجاعة والموت وتحسنت أوضاع المناطق والمزارعين. أما رواندا، فطبقت اصلاحات في القطاع الزراعي منذ 2004. كل دولار انفق في الزراعة أعطى زيادة دولارين في الناتج المحلي الاجمالي. استفادت رواندا من ثروتها المائية والطبيعية وطبقت سياسات حكيمة سمحت بتخفيف الفقر وزيادة التغذية.
Comments