بقلم الدكتور لويس حبيقة
في دول أوروبا وخاصة في فرنسا وايطاليا واسبانيا، لا نوعية عالية للحياة من دون الانتاج الزراعي المميز من مأكولات ومشروبات وانتاج متنوع نوعي مهم لحياة الانسان والطبيعة. تتميز هذه الدول ربما بمأكولاتها ومشروباتها أكثر مما تتميز بصناعاتها. اليوم، المطلوب من كل دولة وضع سياسة زراعية هادفة الى تكبير القطاع في الحجم والانتاجية.
المطلوب التنويع الانتاجي الضروري تبعا للطقس والأرض والمياه والمناخ والتمويل والخبرات وغيرها من العوامل المؤثرة على الزراعة. المطلوب من وزارات الزراعة في كل الدول أن يكون لها استراتيجيات منطقية واضحة تفسر لجميع المواطنين في المناطق الزراعية وخارجها.
لا أحد ينكر أهمية قطاع الخدمات في الاقتصاد المعاصر حيث يشكل أكبر قسم من الناتج ويتعدى الثلثين في معظم الأحيان. تطورت الاقتصادات خلال القرون الماضية من مرتكزة على الزراعة ثم على الصناعة، أما اليوم فالدور الأكبر هو للخدمات التي تغطي العديد من القطاعات منها السياحة والسفر. بالرغم من تغير الموازين، تبقى الزراعة القطاع المعنوي الأهم اذ من دونه لا حياة للانسان.
فالزراعة تربط الانسان بأرضه نفسيا وماديا ووطنيا حيث لا يمكن استبدال عوامل الانتاج الزراعية كما يحصل في الصناعة والخدمات. الأرض غالية جدا للانسان الذي يطورها وينقل ملكيتها الى آجيال أخرى. أما الانتقال من الزراعة الى الصناعة الزراعية أي انتاج معلبات ومأكولات محضرة ومجلدة وغيرها فهي في غاية الأهمية الحياتية كما التجارية لجذب العملات الصعبة.
تحديد التحديات المستقبلية للقطاع الزراعي تختلف من دولة الى أخرى ومن منطقة الى أخرى. ما هي السلع التي يمكن للقطاع انتاجها عبر المزارعين والآليات المتوافرة كما عبر الارشاد المدروس؟ لا يمكن لكل دولة أن تنتج كل شيء وبالتالي هنالك أفضليات مبنية على الامكانات والموارد المتوافرة من تربة ومياه وطقس ومناخ وغيرها. يمكن لوزارات الزراعة توجيه المزارعين نحو انتاج السلع ذات القيمة السوقية المرتفعة، وهذا ممكن تبعا للتكلفة ولشفافية الأسواق التي تباع فيها.
بعض المزارعين لا يملك الخبرات التقنية والعلمية الكافية للنجاح وبالتالي وجود قطاع عام عالم مهم جدا. يمكن لوزارات الزراعة تحديد السلع المناسبة التي تحقق النجاحات بسرعة وأحجام أكبر وعلى المزارع الاختيار. أوروبا بنت زراعتها عبر الدعم والتجارة والمعرفة، لكن بالرغم من كل هذا المزارعون غير راضين بل يخسرون ماليا. يطالب المزارعون الأوروبيون بتحديد أسعار دنيا للسلع وبتخفيف الاستيراد المنافس. هنالك مشكلتان وهي أولا صعوبة تحديد السعر الأدنى الثابت وثانيا لا يمكن منع الاستيراد عندما تطلب هذه الدول تسهيل بيع منتجاتها في الخارج.
يتجه العالم اليوم نحو التكنولوجيا والتي يمكن أن تفيد القطاع الزراعي اذا أحسن المسؤولون توجيه البحوث والتمويل نحوه. التكنولوجيا الزراعية مهمة جدا وتستفيد من الذكاء الاصطناعي لتطوير انتاجية وتنافسية القطاع. هذا لا ينجح من دون تثقيف المزارعين عبر دورات علمية بحيث يحسنوا فهم التطور التكنولوجي ويستفيدوا منه. التحديات الحالية ستكبر حتما في الفترة القصيرة المقبلة.
Comments