بقلم الدكتور لويس حبيقة
مع تردي الأوضاع السياسية والمعيشية العالمية ووجود قلق واضح عند الشعوب حتى في أوروبا، تزداد عمليات الغش والتلاعب بمعيشة المواطنين. المواطن العالمي قلق اليوم من التضخم الذي يأكل من دخله ومستعد لأن يهاجر الى أماكن "آمنة" حتى في أخطر الظروف. يخشى المواطن ندرة فرص العمل المناسبة، أي يقلق بالنسبة لاستمرارية دخله في هذه الظروف. هذا لا يعني أن الأمور كانت بألف خير في السنوات الماضية، انما لا شك أن عمليات التبادل المالي والتجاري لا ترتكز كالماضي على الشفافية والمحاسبة وبالتالي عمليات الغش والفساد تزداد.
بالرغم من أن وسائل مكافحة الغش والتلاعب والسرقة تقدمت كثيرا، الا أن الوسائل المعتمدة من قبل المجرمين تطورت هي أيضا. بالرغم من أن العقوبات المفروضة على المجرمين أصبحت أكثر قساوة، الا أن المجرمين يجدون مختلف الطرق التقنية والقانونية للتهرب منها أو أخذ القليل من العقوبات. لا يمكن تبرئة النظام الاقتصادي الحر، المعتمد على المصلحة الشخصية المطلقة وعلى شرعية تحقيق الأرباح الكبيرة الممكنة، من التسبب بالمشكلة في غياب ضوابط رادعة.
حرية النظام الاقتصادي هي سيف ذو حدين. من جهة، يسمح النظام الحر للمواطن والشركة بعمل المستحيل للتطور والنجاح المادي، لكن من ناحية أخرى لا تتم مراقبة الوسائل التي تتبع للوصول الى الغنى المادي الفاحش. لا يمكن القول أن المواطن أساسا سيء ويحب الغش، انما قواعد اللعبة يمكن أن تحول المواطن الى هذه الصفات السلبية كي ينجح ضمنها. من ميزات النظام وقواعده ما نشهده في وقت الأزمات عندما نركض جميعا للتخزين، أي شراء سلع لا نحتاجها وربما يحتاجها الغير ليس خوفا وانما لتحقيق الاستقرار النفسي والشعور بالآمان المادي.
لم يكن الغش موجودا في السابق كما هو اليوم بسبب التطور التكنولوجي الكبير والذكاء الاصطناعي غير المفهومين بنفس الدرجة من قبل جميع المواطنين. الاحتيال الذي يجري عبر الأنترنت أي التسوق والاستثمار عبرها يسمحان للفاسدين بأن يحققوا أرباحا غير شرعية كبيرة على حساب مصلحة المواطن العادي البريء. أما سرقة المعلومات الشخصية من مالية وغيرها عبر الأنترنت، فتنبه اليها كل المحطات الاعلامية الا أن العديد منا يقع ضحية الغشاشين الذين يتقنون وسائل الترغيب.
التحول السياسي الحالي أي مباشرة النظام الذي يبنيه الرئيس ترامب سيغير الكثير ليس فقط أميركيا وانما عالميا. الفريق الحكومي الذي اختاره هو في نفس الوقت طموح وخطر، فهو مكون من أشخاص غير تقليديين يمكن أن يفاجئوا العالم بنتائج تحسن الأوضاع أو على العكس تعيدنا الى الوراء. في منطقتنا لا بد وأن نأمل بحصول نتائج ايجابية مع ترامب بالرغم من أن أكثرية الفريق الحكومي موالية علنا لاسرائيل، وهذا لا يمكن أن يريح الشعوب العربية. لكن في نفس الوقت نأمل بأن يشكل الضغط السياسي الآتي دافعا نحو التقدم ليس فقط نحو وقف إطلاق نار بل يؤدي الى حل يريح الشعوب المعنية سنوات طويلة قادمة.
Comments