بقلم الدكتور لويس حبيقة
مشاكل لبنان كثيرة ومعقدة. هنالك محاولات داخلية وجهود خارجية مخلصة تبذل اليوم ومنذ زمن على كل المستويات لوضع حلول مناسبة لأزماتنا المتشعبة، لكنها تبقى دون حجم المشاكل وعمقها. الجهود الحالية ربما تكفي لتقطيع بعض الوقت أي مؤقتة لوقف الخسائر الاقتصادية والسياسية والبشرية وثم لاحقا تبذل جهود أكبر لوضع حلول طويلة الأمد. التحديات التي تواجهنا كبيرة وللأسف نتفرج عليها كمواطنين ومسؤولين مع علمنا أنها تضر بنا وبمستقبلنا. المؤسف أننا نعتقد كمجتمع أن العالم أجمع مهتم بايجاد حلول لمشاكلنا وهذا غير صحيح.
هنالك من يوهمنا بأن موضوع لبنان هو أولوية في معظم المحادثات أو الاجتماعات الدولية، وهذا ليس صحيحًا كما يتبين لنا لاحقا من النتائج والوقائع. يجب أن نفهم كلبنانيين أننا وحدنا مسؤولين عن مشاكلنا والحل بيدنا وفيما يخص انتخاب رئيس للجمهورية، الحل هو بيد 128 شخص يجب أن يحسموا الأمر كما هو مطلوب ومنتظر منهم.
أهم من ذلك، أن عدم قدرتنا على انتخاب رئيس للجمهورية كل فترة وعدم قدرتنا على الاتفاق على أمور عديدة أخرى لا تعود الى محتوى الدستور أو الى بنود "الطائف" بل المشكلة أعمق وتعود الينا كلبنانيين لأننا غير متفقين على مواضيع كبيرة ولا يوجد أي نص دستوري يمكن أن يحل المشكلة. هنا تكمن الصعوبة والحل لا يمكن أن يأتي الا عبر الحوار على كل شيء وثم الاتفاق والبناء.
من مشاكلنا اللبنانية التي تنعكس على الاقتصاد هو عدم وجود رأي عام يحاسب. هنالك أحزاب تضم أعدادًا كبيرة من المواطنين الذين لا يحاسبون رئيس الحزب بل يخضعون له في كل شيء. هذه ليست ديموقراطية بالمعنى الصحيح للكلمة، بل هذا تزلم أو تزلف أو خضوع لمشيئة القائد وهذا لا يبني أوطانا. مشكلتنا السياسية اليوم لا تعود اذا الى أي نص مكتوب بل الى أمور خلافية أعمق بكثير ولا يجري الحوار حولها لتأسيس لبنان جديد بمواصفات أخرى مختلفة.
ما هو أهم موضوع يجب محاولة معالجته على المدى القصير؟
هنالك أزمة ثقة بين اللبناني والمسؤولين السياسيين كافة. لا يمكن بناء اقتصاد من دون ثقة بين كافة أطراف المجتمع أي بين المواطن والقطاع العام كما ضمن كل من القطاعين العام والخاص. عدم وجود ثقة هو حاجز في وجه الاستثمارات أي حاجز في وجه المستقبل ودافع للبنانيين الشابات والشباب للمغادرة والعمل وثم ربما للهجرة. من يهتم اليوم في لبنان باعادة بناء الثقة بين المواطن وحكومته، بين المواطن ومجلسه النيابي، بين المواطن والادارة العامة؟ للأسف لا أحد وبالتالي المواطن ضائع وقلق بل لا يتضح له الأفق المستقبلي العملي والمتوقع. اللبنانيون يرون فقط ما هو ممكن على المدى القصير.
لن يكون هنالك اقتصاد فاعل ومنتج من دون ثقة. لن تبنى الثقة من قبل قيادات لا يثق بها المواطن. تبنى الثقة على الشفافية والمحاسبة وهذا غير موجود في لبنان اليوم.
Comments