بقلم الدكتور لويس حبيقة
موضوعان مصيريان يهزان الضمير العالمي وهما قضايا المناخ والتحديات المعيشية للجميع وخاصة للفقراء. نضيف اليهما الحربان القائمتان المدمرتان في أوكرانيا وغزة واللتان تصيبان الاستقرار الاجتماعي العالمي. مشاكل المناخ معقدة وتزداد سؤا، وما نشهده من حرائق وزلازل وفياضانات في مختلف بقاع الأرض مؤلم ويؤثر على الضمائر والمشاعر.
حقيقة، نجهل عالميا وعلميا اذا كانت هنالك امكانية لتخفيف هذه المصائب والكوارث على سكان الأرض. الحرائق التي اشتعلت في أوروبا وخاصة في اليونان واسبانيا وفي القارة الأميركية خاصة في كندا، مؤلمة حيث تصيب المناطق الفقيرة كما الغابات المؤثرة ايجابا على صحة وحياة الانسان أينما وجد.
هل هنالك إمكانية لتخفيف هذه الخسائر؟ هل أن توزيع الإنتاج الاقتصادي بشكل أفضل بين المناطق والقطاعات يؤثر ايجابا على حياة الإنسان؟ كيف يمكن أن يحصل ذلك؟ هل من الممكن تقوية وسائل الدفاع عندما تقع الكوارث؟ هل هنالك تقصير في تجهيز الدفاعات المدنية والطيران والآليات المتخصصة لمواجهة هذه الخسائر؟ هل جرت معاقبة مجرمي الطبيعة الذين يفتعلون عن قصد أو غير قصد هذه الحرائق؟ ما شهدناه هذه السنة مؤلم ومكلف علما أن امكانية التكرار ما زالت كبيرة.
لن تحل المشاكل المناخية دون دعم الدول الصناعية المالي والتكنولوجي أي عبر تغييرها تدريجيا لطرق الانتاج داخلها. المهم توزيع التكلفة على الملوثين أولا عبر ضرائب أو تعريفات اضافية أو عقوبات مالية أو فرض تبرعات عليهم تقدم للضحايا، وثم إذا تبقى من تكلفة توزع على الآخرين في القطاعين العام والخاص.
في هذا الايطار أصدرت الولايات المتحدة قوانين مرتكزة على معايير تلوث جديدة صارمة وسياسات داعمة للانتاج الأخضر بينها للسيارات الكهربائية. الهدف منها أيضا زيادة الوظائف في الصناعات الخضراء، لكن السيء في هذه السياسات انها منغلقة أي تحمي الانتاج الداخلي وبالتالي تضر بالتجارة الخارجية وبالحلفاء التجاريين في أسيا وأوروبا.
ها هي وزيرة التجارة الأميركية تحاول تصحيح ذلك عبر زيارتها للصين لكن المهمة صعبة. العلاقات الأميركية الصينية هي اليوم الأهم عالميا اذ تغطي معظم دول العالم، ان لم يكن كلها. المطلوب أيضا من المؤسسات الدولية الدفع باتجاه الانتاج الأخضر عبر اعطاء قروض أو مساعدات أو ارشادات تقنية للدول النامية والناشئة في مختلف القطاعات والقارات.
في المواضيع المعيشية، هنالك مسببات عدة للأوضاع المتعثرة بدأ من الحرب الروسية في أوكرانيا التي أنتجت ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الغذائية كما في الأدوية الكيمائية والسماد الزراعي مرورا بحرب غزة ومشاهدها الكارثية المؤلمة. هنالك أسباب أخرى منها الكورونا التي أثرت على العرض منذ 2019 وما تبعها من مشاكل في سلاسل الامداد وفي التوزع المهني في أسواق العمل. هنالك أيضا الجشع والرغبة المتزايدة في تحقيق أرباح كبيرة دائمة.
حقيقة، ترتفع تكلفة الانتاج فتزداد أسعار السلع المنتجة. تنخفض التكلفة فتبقى الأسعار كما هي، لأن المنتجين يخافون أن يكون تدني التكلفة مؤقتا. من الخاسر؟ دائما المواطن أو المستهلك.
Comments