أجرى الحوار طوني الياس
تطوّر الأحداث وتشعباتها يجعلنا على تماس مباشر مع المناضلين اللبنانيين، وفي هذا الإطار كان الإتصال مع بسام ضو الكاتب والباحث السياسي وعضو المركز الدولي للأبحاث السياسية والإقتصادية International Political and Economic Affairs Center ( PEAC ) لنقف على بعض المعلومات المتوفرة لديه.
السؤال الأول: أستاذ بسام، بصفتكم احد الاعضاء في " المركز الدولي للأبحاث " كيف تقرأون قضية توقيف حاكم مَصْرِف لبنان السابق رياض سلامة؟
أولاً ما سأدلي به في هذا الإطار يتعلق بموقفي الشخصي وليس بصفتي عضوًا في مركز الأبحاث PEAC لأشير لعناونين رئيسيين أولهما يكتب على أبواب المحاكم : "العدل أساس الملك" وتصدر القرارات "بإسم الشعب اللبناني...
"ثانيا أتمنى أن تكون خيوط هذه القضية قضائية بحتة ولا تكون مسيّسة كما تجري العادة، أما فيما خص توقيف حضرة الحاكم السابق علما أنني لا أتبنّى أي رأي أو موقف صدر عن ساسة الأمر الواقع فيما خص قضية التوقيف لا بل أشجبها، أما بالنسبة لموضوع التوقيف نسأل هل الجرائم المرتكبة من قبل الحاكم السابق ناجمة عن مخالفة قانون النقد والتسليف؟ ومن هي المرجعية التي يحق لها الطلب من النيابة العامة المالية أو التمييزية أو من قبل أي مرجع قضائي ملاحقة الحاكم؟ المادة 18 تنص على تعيين الحاكم ونائبه يكون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير المالية، كما في الفَقَرة الأخيرة يشير النص على أن الحاكم يقسم بين يدي رئيس الجمهورية على أن يقوم بوظائفه بإخلاص ودقة محترمًا القانون والشرف. وهنا نسأل أهل السلطة بدءًا من إقرار وثيقة الوفاق الوطني ومرورًا بالذين دخلوا جنات هذه السلطة في العام 2005 وزراء نواب رؤساء أحزاب أين كنتم في هذه المرحلة؟
أما لناحية التهم التي تمّت بموجبها إصدار مذكرة التوقيف فكانت على الشكل التالي: غسل أموال – احتيال – اختلاس، هل هذه التهم محصورة بالموقوف رياض سلامة أم تشمل كل الرؤساء والوزراء والنواب؟ وهل بإستطاعة المتهم رياض سلامة القيام بهذه الجرائم طوال هذه الفترة من الحاكمية دون علم هؤلاء الساسة؟ فليعلم كل مسؤول في هذه الدولة إنّ التهرب من المسؤولية جريمة بحق الوطن والشعب ولا يمكن حصر الجرائم بشخص واحد كما إنني أذكر كل المسؤولين ومن دون إستثناءات أن في القانون الجنائي والمدني تُعتبر المسؤولية الصارمة معيارًا للمسوؤلية يكون بموجبه الشخص مسؤولاً قانونيًا عن النتائج المترتبة على أي نشاط حتى في حالة عدم وجود خطأ او نية جنائية من جانب المدعى عليه.
السؤال الثاني أين قادة الرأي المسيحيين ( رجال سياسة – رجال دين ) من واقع الأمور في لبنان؟
نحن في زمن " قلّة الرجال " وفي زمن الإزدواجية وفي زمن المصالح الخاصة، هناك خرائط جديدة تُرسم في الجمهورية اللبنانية ولكن للأسف هناك غياب تام لما يُعرف بـ " قادة الرأي "، وبصفتي باحث وناشط سياسي تبرز عندي الواقعية كمنهج مساعد على حفظ ولو القليل من الاستمرارية في وطني، الكل يغيبون عن رسم القرار، وهم ينفذون طوعًا ما يُملى عليهم من مقرارات وللاسف لا يستطيعون حتى ابدأ الرأي، لأن لا رأي لهم هم دُمى يُسيَّرون وفقًا لحاجة اللاعب الإقليمي الذي يحتل كل مفاصل الدولة.
أسوأ ما يمكن أن يُصيب أي شعب هو أن يعيش من دون قرار ومن دون رجال عظام أصحاب مواقف يقبلون حيث يجب ويرفضون حيث يجب أن يرفضوا، هذه التينة مفقودة حاليًا في لبنان، وإن وُجِدَتْ فإنها مخنوقة ومرذولة تحت ألف تهمة والدارج اليوم "تهمة العمالة لإسرائيل ".
ومن الطبيعي اليوم أن يمُّرْ المسيحيون في فترة "المحــل " وهم مهمّشين ع الآخر وأكبر مثال على ذلك عندما يزور مسؤول أممي تنحصر الزيارة برئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب. المسيحيّون يحتاجون إلى تأسيس عقيدة وطنية تقوم على حب الوطن والإلتزام بالدستور والقوانين وشرعة حقوق الإنسان لا أن يلتصقوا بأحزاب فاقدة لأي حس وطني على ما هي عليه اليوم.
مشكلة المسيحيين هي بقادتهم العلمانيين والروحيين للأسف ولا حل بوجود هؤلاء لقد إنكشفت مؤامرتهم فهم منصاعون تبعيّون مرتهنون غوغائيون مجرمون بحق الشعب المسيحي وهل يُعقل أن نصدق أو نُصادق من يبيع ويشتري ويُقايض على مقام رئاسة الجمهورية؟ وهل يُعقل أن نعفي عمّن صادر مقام رئاسة الجمهورية وشتت الإدارات وتعايش مع نظام الميليشيا وتغاضى عن وصول الأسلحة والأموال بطرق غير شرعية أثناء ولايته الرئاسية؟ وهل يمكن أن نتعايش مع إكليروس يكتفي بالعظات والإستقبالات وكتابة المذكرات التي بقيتْ حبرًا على ورق؟ وهل يمكن أن نتعايش مع من سرقوا أموالنا ويُكرمهوم في المحافل المدنية والكنسية؟ حقا إنه العار بحد ذاته.
وفق خبرتي المتواضعة لا مفّرْ من إيجاد نظام سياسي عند المسيحيين ( قادة جدد ) يمكِّنهُمْ من الإستمرار في لبنان بكرامة وإحترام إقتراحي هــو قادة جُدُدْ، لأن من يريد للمسيحيين أن يبقوا في لبنان عليه أن يتنحّى ( علمانيين – رجال دين )، واجبنا الوطني المسيحي يُملي علينا إتخاذ هذا الموقف الشجاع وليس كما هو قائم اليوم... من هنا ضرورة البحث عن قادة رأي جدد وأعتقد أنهم موجودين لأن الحاليين كذابين وأثبتوا فشلهم وعذرا منهم ومن ما تبقّى من أنصارهم فهذه هي الحقيقة.
السؤال الثالث: بما أنكم وصّفتم الواقع كما هو، ما هو مشروعكم الإنقاذي؟
نعم لدينا مشروع وطني – مسيحي إنقاذي، ولن أكشف سِرٍا أن طلائع هذا المشروع تمّت مناقشته في أروقة عواصم القرار، لأننا نعتبر أنّ الأوضاع اللبنانية تسوء أكثر فأكثر وخطورة هذا الأمر أن الرأي العام اعتاد رغما عنه على هذا الواقع والمؤسف أنهم يتكيّفون معه يوما عن يوم والأنكى أنهم لا يستغربون التراجع الذي يعيشه لبنان والذي يفرضه قادة رأي علمانيين وروحيين، من هنا كانت فكرة الإنطلاقة نحو عواصم القرار واللوبي اللبناني الإغترابي.
المؤسف هناك إصطفافات خطيرة قائمة بين اللبنانيين وهي نتيجة طبيعية للصراع الذي يطبع هذه المرحلة من تاريخ جمهورية العام 1920، وكل ذلك أدّى إلى تعطيل دور الدولة الرسمية ومؤسساتها الشرعية وكرّس واقع نشأت معه معادلات تخص الساسة الفاشلين على حساب مصلحة الوطن وهذا التكريس يأتي بواسطة السلاح الغير شرعي والمال الحرام الوافد من الجمهورية الإسلامية الإيراينية لميليشيا تدّعي الحفاظ على السيادة، لأسأل هؤلاء عن أي سيادة تتحدثون والحدود مسلوبة الإرادة بواسطتكم والجمهورية مُشلّعة والقوانين منتهكة والدستور في خبر كان؟
نعم لقد إستفادت هذه الميليشيا من هذه الخروقات القانونية بينما نحن كشرفاء " مسيحيين و مُسلمين " تشرذمنا وأصبحنا في مرحلة ضياع وغياب الرؤية المشتركة والشاملة، وحتما أمام هذا الأمر الواقع لم يَعُـد بمقدورنا السكوت أو الإنصياع بسبب هذا الإصطفاف القائم والذي يفضي إلى الشلل والشرذمة، وهذا كله على حساب الدولة لصالح الدويلة و"زعرانها من اللبنانيين من مختلف الطوائف والمذاهب"... زعماء علمانيين وروحيين يحملون شعارات رنّانة في مناسبات موسمية وهناك خَشْيَة من أن تكون بالونات إختبار تدفع بالأمور لمزيد من التعقيدات.
نعم إننا حملنا ونحمل إقتراحات سياسية موضوعية من شأنها ربما إنقاذ الجمهورية من هذا الآتون المدمّـر المستمر منذ سنين ولا أخفي سرًا لقد لمسنا بعض التجاوب في مضمون هذه المقترحات وقد سألونا عنها بالتفصيل وسيُستكمل المشوار بإذن الله لأننا أبناء الرجاء ومناضلين ومقاومين شرفاء.
Site Today News - Lebanon
Comments