bah الدولة قوية بمواطنيها - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الدولة قوية بمواطنيها

09/04/2024 - 15:36 PM

House for Sale in Los Angeles and Santa Monica, CA

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

الدول قوية أولا بمواطنيها نوعا وعددا من نواحي التعليم والصحة وكافة الإشارات الإنسانية والاجتماعية. يبنى المواطن على مقومات عدة منها مشتركة مع الآخرين ومنها خاصة بالشخص نفسه. فالتنوع داخل المجتمعات ثروة فكرية وإنسانية شرط مساهمتها في بناء الاقتصاد والثقافة. عندما نتكلم عن دول بعدد مواطنيها الكبير، نفكر مباشرة بالصين والهند الدولتين العظمتين. لا يمكن لدولة أن تعتبر عظمى بعالمنا اليوم مع عدد مواطنين قليل حتى لو امتلكت أفضل التكنولوجيا وأرقى الجامعات وأحدث الطرق وأفضل المستشفيات وغيرها.

الاقتصاد الصيني هو الثاني عالميًا والصين هي الدولة القوية سياسيًا وعسكريًا ولنتاجا، وأحد المصادر المهمة هي القوة السكانية. مشكلة الصين اليوم هي تطورها السكاني العددي السلبي الذي يعتبر مقلقا للدولة كما للعالم من نواحي توافر السلع وتكلفتها. هنالك من يقارن الوضع الصيني اليوم بما حصل في اليابان في تسعينات القرن الماضي. الفارق الأساسي هو أن وضع الصين العام ليس بمستوى "يابان" ذلك الوقت، وبالتالي المقارنة ليست تماما في محلها. ما هو الواقع حاليا؟

أولا: بدأت أهم الشركات تنتج خارج الصين أو تنقل مصانعها الى دول أخرى ربما مجاورة كفيتنام أو بعيدة كالمكسيك بسبب ارتفاع تكلفة النقل ومختلف التأمينات. قرب المكسيك الجغرافي من الولايات المتحدة وكندا يجعلها جاذبة جدا للاستثمارات الصناعية الصينية.

ثانيا: هنالك خوف عالمي من أن تتاثر كل الاقتصادات بالانخفاض السكاني الصيني أي التأثير المستقبلي على استهلاك السلع التكنولوجية والملابس والمجوهرات الفاخرة وغيرها. السلة الاستهلاكية الصينية مهمة اليوم لكل الدول وخاصة الغربية. السياحة الصينية أدهشت العالم مؤخرا، وهنالك اعتماد عليها لرفع مستويات النمو الاقتصادي العالمي بدأ من 2024.

ثالثا: يعتبر قطاع العقارات الصيني مهم جدا اذ يحصل على ربع الناتج المحلي. انخفاض عدد السكان سيعني انخفاض الطلب على السكن وبالتالي تأثر الاقتصاد الصيني سلبا.  كما أن صندوق التقاعد الصيني يمكن أن يفلس قبل 2035 بسبب تدني عدد العمالة أي انخفاض المساهمات المالية فيه.

ينحدر عدد سكان الصين هذه السنة، وهذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها ذلك منذ 6 عقود. عدد الولادات هذه السنة هو أدنى من عدد الوفيات وفي غياب الهجرة، ينحدر عدد السكان. هنالك خوف من أن يستمر ذلك وبالتالي يتأثر الاقتصاد العام سلبا. الصين ليست الدولة الوحيدة التي ينحدر سكانها هذه السنة. هنالك كوريا الجنوبية واليابان وغيرهما. يتحسن الدخل الفردي مؤقتا كذلك مستويًا العمل والتعليم، لكن مع الوقت لا بد وأن ينعكس الانحدار السكاني سلبا على كل المؤشرات الاقتصادية.

عودة الصين الى النمو السكاني الداخلي القديم سيتطلب بعض الوقت اذ أن العادات الانجابية السابقة غابت وليست هنالك رغبة شعبية في العودة اليها. لذا لا بد للصين كي تحافظ على نموها الكبير من أن تعدل سياسة الهجرة أي تستقبل الأسيويين من الدول الفقيرة المجاورة ليعملوا فيها ويرسلوا التحويلات الى الأهل والأقرباء في دول المنشأ.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment