bah أوضاع الأسواق الحقيقية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

أوضاع الأسواق الحقيقية

08/28/2024 - 09:16 AM

Bt adv

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

بعد 300 سنة على ولادة "أدام سميث" مؤسس العلوم الاقتصادية الحديثة، لا بد من القاء الضوء على أوضاع الأسواق أي هل كانت بالمستوى المطلوب من قبل المؤسس؟ هل قامت بالأدوار الطبيعية المنتظرة؟ هل أعطت النتائج التي رغبت بها المجتمعات من ناحيتي الإنتاجية والفعالية؟ الأوضاع الاقتصادية العالمية المتشنجة تفرض طرح هذه الأسئلة.

هل تكمن المشكلة في النظريات أم في التطبيق؟ العالم يمر في ظروف صعبة لا يمكن تحميل "أدام سميث" المسؤولية عنها، بل يجب دراسة ما حصل وتقييم المسيرة الاقتصادية خاصة الحديثة. ما هي عمليًا النتائج السلبية التي تفرض اعادة النظر أو تقييم ما جرى سابقا؟ أولا، التضخم القوي الذي نعيش معه والذي يعتبر الأعلى منذ سبعينات القرن الماضي.

هنالك سببان أساسيان لا دخل لسميث بهما وهما حربا أوكرانيا وغزة والتضخم الذي نتج ويستمر معهما. كانت البذور التضخمية موجودة قبلهما لكنها اشتعلت معهما. أسباب وجود البذور تعود إلى موجات من التقلبات من ناحيتي العرض والطلب.

قلب نظريات سميث التاريخية هو التأثير الإيجابي للحريات الاقتصادية على إنتاجية كل القطاعات. عرض سميث في نظرياته أهمية تخصص العمالة في الانتاج أي تقسيم مهمات العمل بين الأفراد مما يؤثر على الإنتاجية وثم الإنتاج.

تحركت الاكتشافات التكنولوجية كما لم يحدث سابقا الا أن الانتاجية بقيت متعثرة أو أقله متأرجحة في معظم الدول الأساسية. حصلت عوائق جدية منعت ترجمة التكنولوجيا في الانتاجية لأسباب قانونية ومؤسساتية كما بسبب صعوبة تطبيق بعض هذه التكنولوجيات بسرعة في العملية الانتاجية كما التربوية.

توقع سميث أن يؤدي الاقتصاد الحر الى انتعاش اقتصادات الدول النامية والناشئة بفضل التجارة الدولية والمنافسة. لكن هذا لم يحصل بل استدانت هذه الدول قسرا الى حدود مرتفعة جدا نسبة لناتجها المحلي. توقع سميث أن تؤدي التجارة الى انتعاش كل المشاركين، الا أن هذا لم يحصل بل هنالك دول استفادت أكثر بكثير من غيرها وأخرى تأخرت لأنها لم تستطع اللحاق بتطور تقنيات الانتاج والعلاقات الدولية المعقدة.

توقع سميث أن يؤدي الاقتصاد الحر الى اعطاء الانسان أفضل ما عنده للمجتمع. توقع أن تؤدي هذه التصرفات الى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكافة الدول وهذا ما لم يحصل.

الكورونا سببت كما حربا أوكرانيا وغزة توترًا كبيرًا في العلاقات التجارية الدولية انعكس سلبًا على الجميع وخاصة على الدول النامية والناشئة. وضعت أميركا مثلا ضرائب جمركية على الواردات من الصين بالرغم من حاجتها للسلع المصنعة هنالك.

دققت في صادراتها الى الصين وأوقفت بعضها خاصة تلك المرتبطة بالتكنولوجيا المتطورة التي تتفوق بها أميركا. أما العقوبات الموضوعة على روسيا بسبب الحرب، فلم تؤذ روسيا فقط بل العديد من الدول التي كانت لها علاقات مزدهرة معها في الغذاء والنفط والغاز.

ما يجري اليوم دوليا في موضوع التجارة الدولية يأتي عكس ما أوصى به سميث وبالتالي نحصد نتائج هذه الحواجز التجارية.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment