bah المشكلة التضخمية معقدة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

المشكلة التضخمية معقدة

08/15/2024 - 19:04 PM

Prestige Jewelry

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

حتى قبل الحرب الأوكرانية، كانت هنالك وجهات نظر مختلفة بشأن نسب التضخم العالمية الواقعية وامكانية استمرارها حتى آخر سنة 2024. كان الخلاف يدور خاصة حول كيفية القضاء عليه دون التسبب بركود كبير وبطالة موجعة. حتى المصارف المركزية الأساسية لم تأخذ الخطر التضخمي جديا، فتأخرت كثيرا في البدء برفع الفوائد لمحاربته. كما كان التردد واقعا في فترة رفع الفوائد، نجد التردد نفسه يحصل اليوم تجاه تخفيض الفوائد في السرعة والحجم.

مع الحرب الأوكرانية وحتما مع حرب غزة أصبحت المشكلة التضخمية معقدة أكثر بتأثيراتها ومصادرها كما أن محاولات المواجهة أصبحت مكلفة أكثر. هنالك من قارن تضخم اليوم بما حصل في السبعينات، وبالتالي كان مطمئنا الى سهولة الفوز عليه. في الواقع تضخم اليوم بالرغم من مساوئه الكبيرة يبقى أقل ضررا من تضخم السبعينات لسبب رئيسي وهو أن توقعات المواطنين التضخمية الحالية أقل بكثير من السابق. لذا بالرغم من نسب تضخمية حالية مرتفعة، لم ترتفع نسبة البطالة في معظم الدول مما يشير الى أن مشكلة التضخم ليست خطرة كالسابق. مقارنات أخرى أقرب الى الحقيقة وهي تضخم اليوم بالمقارنة مع ما حصل زمن الحرب الكورية التي أنتجت تضخما قويا مؤقتا.

أظهرت دراسات السوق في 2022 أن التضخم لن يطول بسبب انخفاض أسعار المحروقات كما انخفاض أسعار السيارات المستعملة مما يعني أن انتاج الجديد عاد أيضا ليأخذ مكانه في سلة المواطن وهذا صحي جدا. كما أن تعريفات الايجار الجديدة انخفضت عالميا مما يشير الى عودة الصحة الى القطاع العقاري المهم جدا. أدت هذه العوامل مجتمعة الى توقع ضرب التضخم دون تكلفة كبيرة على الاقتصاد وخاصة على معيشة المواطن وفرص العمل.

هذه العوامل سهلت مهمة المصارف المركزية من ناحية دفعها لرفع الفوائد لتخفيف التضخم من دون احداث زلازل داخلية اجتماعية. لكن الاقتصاد العالمي يتغير اليوم ليس فقط في مواقع القرار وانما أيضا لأن العلاقات الدولية أصبحت معقدة أكثر بسبب الحروب والأمن والتكنولوجيا والحمايات الجمركية.

من الدول التي عانت من التضخم وسقوط النقد هي تركيا التي جددت مؤخرا للرئيس أردوغان. عندما أقفلت كل طرق الانقاذ الاقتصادي أمام الرئيس التركي، أتى بالسيدة "اركان" لتقود السياسة النقدية أي لتصبح حاكمة المصرف المركزي. في تركيا، استقلالية المصرف المركزي محدودة أي تتأثر سياساته بما يقرره رئيس الدولة وهذا طبعا غير مرغوب به. فالاستقلالية النقدية أكثر من مطلوبة. تشير كافة الدراسات الحديثة الى أن المؤسسات والشركات التي تعاني كثيرا وجديا تأتي بقيادات من خارج المجتمع السياسي التقليدي، وخاصة بالسيدات للقيادة وثم الانقاذ.

نظر العالم بدقة الى ما فعلته السيدة Hafize Gaye Erkan خلال قيادتها للمصرف المركزي التركي لكن السياسة أطاحت بها بسرعة قبل أن تظهر للرأي العام كفاءتها المثبتة في القطاع الخاص. ما زال المجتمع العالمي عموما قاس تجاه تسلم الأقليات وخاصة النساء مواقع القيادة والقرار.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment