بقلم الدكتور لويس حبيقة
المواطن العالمي يعاني وبدرجات مختلفة. يقول الخبراء ان المعاناة لا تنتج عن حجم المشاكل حتى الكبيرة منها، بل عن تتابع مشكلات متعددة خاصة محلية متنوعة تكبر مع الوقت حتى لو كانت بحجم صغير. من هذه المشاكل التلوث أو بالأحرى مشكلات المناخ التي لا يمكن بعد اليوم أن تكون محلية فقط. حرائق كندا وكاليفورنيا أنتجتا تلوثا هائلًا في شرق الولايات المتحدة وكندا ورأينا كيف تلون الهواء فوق المدن الكبيرة.
لا أحد يعرف حجم تأثيرها السلبي على نوعية الحياة وصحة الإنسان على المدى الطويل. بعض الخبراء يقولون أن التأثير سيكون كبيرا على تنفس الانسان أي على الرئتين مما يمكن أن يسبب أمراضا خطيرة لا أحد يرغب في التفكير بها.
تنتج مشاكل المناخ كوارث طبيعية في كل القارات والدول، منها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعديد من الدول الأوروبية. بين أسبوع وآخر تحصل هزات أرضية لا يمكن تجاهلها حتى لو كانت أضرارها خفيفة. لا أحد يعلم كيف ستكون الهزات المستقبلية. تأخر العلوم في فهم مواضيع المناخ مقلق ويوثر سلبا على المؤشرات الاقتصادية والحياتية. المدهش هذه المرة هو أن ما حصل من تلوث فوق شرق الولايات المتحدة حصل سابقا في مناطق أخرى في أسيا وغيرها، ولم تعط لها نفس الأهمية. في كل حال ليست هنالك مناطق آمنة مناخيا ولا بد من ترابط المناطق بعضها ببعض. ما هي المؤشرات التي يجب النظر اليها؟
هل الانتاجية هي المؤشر الأفضل للنجاح الاقتصادي؟ نعم اذا اعتبرنا أن الناتج المحلي الاجمالي هو المقياس الأفضل لتقدم المجتمعات ماديا ومعيشيا. هنالك من يناقض هذه النظرية ويعتبر أن زيادة الناتج ليست كل شيء خاصة اذا حصلت مع تلوث كبير يسيء الى الانسان كما الى الهواء والمياه. وسائل الانتاج الحديثة تعزز الماديات لكن هذا ليس كل شيء اذ أن النوعية والسعادة هما المعياران المفضلان للعيش الكريم حتى لو صعب تقييمهما.
لذا يرى خبراء الاقتصاد ضرورة ربط العوامل المادية بالنفسية وهذا ما بدأ يدرس منذ 2008 في الجامعات مع الكاتبان تايلر Thaler وسانستين Sunstein في كتابهما Nudge. قال الكاتبان أن هنالك تأثير كبير للإشارات النفسية على عمل المؤسسات وتصرفات الانسان. من أهم ما أنتج الكتاب هو أن الانسان لا يعمل دائما للفوز والنجاح، اذ هنالك عوامل نفسية داخله تدفعه أحيانا الى التصرف عكس ذلك أو بطريقة مختلفة جدا.
مشاكل المواطن تكبر والوسائل التي بيده لا توازي التحديات. ماذا يفعل؟ يغير طريقة حياته في الاستهلاك والانتاج وهل هنالك من يرشده الى الطرق المناسبة؟ المشاكل المناخية ليست الوحيدة اذ أن ظلم التضخم يضرب ميزانيات العائلات في استهلاكها وأسعار الضمانات التي تريدها خاصة الصحية منها. العناية الموجودة في أوروبا في الضمانات الاجتماعية هي مضرب مثل لما يجب أن يقدم للمواطن من دولته. فهل هذا ممكن في كل الدول والأوضاع؟
Comments