bah لا سلامة مصرفية واقعية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

لا سلامة مصرفية واقعية

07/24/2024 - 09:25 AM

Bt adv

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

من الضروري فهم خصائص أي قطاع مصرفي، اذ يختلف عموما عن القطاعات الأخرى كما يختلف بين دولة وأخرى تبعا للقوانين والممارسات السابقة كما تبعا لحاجة القطاعات الاقتصادية والمواطنين عموما. هو محكوم بقواعد سلامة خاصة ويخضع لقوانين واجراءات متخصصة كما يخضع طبعا لكل القوانين الوطنية العامة المتنوعة وتلك المرتبطة بمكافحة الفساد وتبييض الأموال حماية لسلامة الاقتصادات والمواطنين.

القطاع المصرفي هو عمومًا محلي اذ يأخذ ودائع من الداخل ويعطي قروضا في الداخل أي تبقى المخاطر العامة نفسها في الاتجاهين. مخاطر البلد أو الاقتصاد وتغيراتها تؤثر مباشرة عليه. عندما يفلس مَصْرِف أو تفلس عدة مصارف، يكون القطاع العام مشاركًا دائمًا في الإهمال وغض النظر وبالتالي مشاركته في تحمل الخسائر واجبة ومنطقية وضرورية. عندما يقوم القطاع الرقابي العام بواجبه، يبقى عمومًا القطاع المصرفي سليمًا ويحمي المودعين. معظم القطاعات الاقتصادية الأخرى تستورد وتصدر وبالتالي لا ترتبط بنفس الدرجة بمخاطر الدولة كما لا تتأثر بالثقة كحال المصارف التجارية.

تتكرر الأزمات المصرفية من فترة لأخرى لأسباب تتراوح بين الفساد والاهمال. بعد أزمة 2008 وضعت قوانين دولية جديدة، فظن العالم أن وقت الأزمات المصرفية ولى الى غير رجعة. فجأة حصلت أزمة مصرفية جدية بدأ من مَصْرِف SVB في كاليفورنيا الذي يعتبر المصرف السادس عشر أميركيا في الحجم، ثم مصرف Signature في نيويورك مما ترك تأثيرات سلبية كبيرة على النظام المصرفي الدولي. فالمصارف في الواقع وتبعا للتجارب "شر لا بد منه" ولا بديل واقعي عن قطاع مصرفي شفاف وفاعل.

بسبب حجم الأسواق الأميركية، أي أزمة تحصل في أميركا تؤثر على العالم أجمع على عكس الأزمات الأخرى التي تبقى عموما محلية أو إقليمية.

منذ أزمة 2008، تعدلت بعض القوانين الأميركية وبالتالي أصبحت الودائع الأقل من 250 ألف دولار مكفولة من قبل مؤسسة الضمان FDIC. حصلت الأزمة في مصرف SVB لسببين كبيرين أولهما سؤ الادارة وعدم تنويع الميزانيات، وثانيهما الفوائد التي رفعها المصرف المركزي لمحاربة التضخم. من أهم زبائن مصرف SVB الشركات الناشئة المطورة للتكنولوجيا، وبالتالي كانت خسائر إفلاس المصرف تتخطى الموضوع المالي لتصل الى كل ما يطور الاقتصاد ويجدد ركائزه. ليست هي المرة الأولى التي تنقذ الحكومة الأميركية الشركات الخاصة المتعثرة. حصل ذلك مع شركتي GM و Chrysler في 2009 مما ساهم في انقاذ قطاع السيارات.

من ناحية سؤ الادارة في SVB وفي جانبي الميزانية، لم تكن الودائع منوعة لا قطاعيا ولا حجما. أتت أكثرية الودائع من الشركات الناشئة وبالتالي كان عامل التنويع مفقودًا. في الأحجام، كان 96% منها كبيرًا أي غير مكفول من قبل مؤسسة ضمان الودائع. من ناحية التوظيفات وبسبب الاستقرارين النقدي والمالي في الولايات المتحدة، وظف المصرف أمواله في السندات الطويلة الأمد. حصلت خسائر اذ أن رفع الفوائد خفض قيمة السندات كما هو معروف علميًا. سوء ادارة وأوضاع معاكسة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment