بقلم الدكتور لويس حبيقة
هنالك اليوم أزمات عالمية كبرى اقتصادية مالية بالاضافة الى مشكلة ديون تخص الدول النامية والناشئة التي لا تستطيع تسديدها بسهولة. هنالك تفاقم للعجز المالي وبالتالي للاقتراض وثم الديون. بلغت نسبة الديون الخاصة والعامة العالمية من الناتج 350% في 2021 مرتفعة من 200% في 1999 مما يشير الى حجم المشكلة. في الولايات المتحدة، تبلغ النسبة 420% وبالتالي تشكل الأرضية للصراع الدائم حول رفع سقف الديون الذي يخوضه الحزبان دوريا.
لا مشكلة في الاقتراض، انما تكمن في أين تصرف هذه الديون أي على الاستهلاك أم على الاستثمار؟ تشير الوقائع دوليا الى أن أكثرية الديون تنفق على الاستهلاك وبالتالي تسبب الافلاسات.
لماذا هذه الرغبة في الاقتراض؟ الأسباب متعددة ومنها القدرة على حسم تكلفة الديون من الدخل الاجمالي.
كما أن هنالك سياسات عامة مشجعة للاقتراض شرط أن تنفق الأموال على النمو. سياسة الفوائد المنخفضة على مدى عقود سابقة شجعت أيضا على الاقتراض. المشكلة ليست اليوم كارثية لكنها تتطلب المعالجة من قبل القطاعين العام والخاص. أسواء السياسات العامة هي تمويل الانفاق عبر الطبع النقدي الذي يخلق التضخم وبالتالي يضرب معيشة المواطن.
لذا لا بد من وضع سياسات تشجع على النمو حتى لو اقتضى الأمر زيادة الضرائب تدريجيا لتمويل النمو الذي يحتاج الى بنية تحتية مناسبة.
المعلوم أن الاسواق الناشئة أنقذت مرارا الاقتصاد الدولي. حققت على مدى عقود نموا عاليا ساهم في تحسين أوضاع كل الدول. لم تكن الاقتصادات الناجحة فقط في أسيا وانما توزعت على كل القارات. أما اليوم، فالاقتصادات الناشئة تعاني من الأوجاع المؤلمة بسبب تراكم العوامل الخارجية كما الاهمال والفساد الداخليين.
هنالك ثلاثة أسباب خارجية سلبية أولها الكورونا التي أرهقت موازناتها وسببت الموت لملايين الأشخاص. هنالك الخلاف الصيني الأميركي الذي تعدى السياسات العادية ليصل الى قلب التجارة والمال والاستثمارات. هذه الوقائع ساهمت في فرض رفع الفوائد من قبل المصارف المركزية الأساسية خاصة الأميركي. تتجنب هذه المصارف اليوم تخفيض الفوائد خوفا من التضخم الذي دخل في صلب توقعات المواطنين وحياتهم.
ارتفاع الفائدة على الدولار ربما يفيد أميركا اذ تتحول اليها أموال ايضافية من الدول الناشئة بسبب جاذبية العائد الايضافي. لكن الارتفاع يؤذي الدول المقترضة بالدولار ويسقط نقدها وهذا هو حال معظم الدول الناشئة ككوريا الجنوبية، مصر، تايلاندا، الهند كما الصين. رفع الفوائد لمحاربة التضخم الأميركي والغربي عموما يؤذي الدول الناشئة التي تحمل ديونا مرتفعة وبالتالي تصبح تكلفة خدمتها أعلى في الموازنات الوطنية. أما المسبب الثالث فهي الحرب الروسية الأوكرانية التي فرضت تضخما مرتفعا خاصة في الغذاء والطاقة.
لا يمكن للمستثمر الدولي الا أن يعطي أهمية كبرى لحرب غزة حتى لو كانت محصورة في منطقة معينة. حرب غزة لها امتدادات سياسية وأمنية ونفسية واخلاقية واسعة وتؤثر على الاستقرار العالمي وعلى أسواق النفط، وبالتالي تدخل في حسابات كل الدول.
Comments