bah الاقتصاد يوجه السياسة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الاقتصاد يوجه السياسة

05/23/2024 - 17:30 PM

Atlas New

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

في آخر 1986 بسبب النتائج الاقتصادية السيئة في روسيا، قرر غورباشوف الانتقال إلى نظام ديموقراطي يعتمد على حرية القرار وليس القوة مع اصلاحات اقتصادية عميقة وشجب كليا التفكير الستاليني. في آخر 1988، أصبحت علاقاته مع الغرب قوية ولا سيما مع الرئيس "الصديق" ريغان. كانت سنة 1989 مفصلية أي انتقال دول أوروبا الشرقية الى الحريات السياسية والأنظمة الرأسمالية بدأ من تشيكوسلوفاكيا الى بولندا وهنغاريا ورومانيا مع التتويج في برلين أي سقوط الحائط الفاصل بين الجزئين في 9111989 وبالتالي توحيد ألمانيا وانتهاء الحرب الباردة.

كان سوء الإداء الاقتصادي ربما أكثر من الحقوق السياسية وراء هذا الانتقال من الشيوعية الى الأنظمة الحرة. الفارق الكبير بين غورباشوف وبوتين أن الأول أضعف الحكم المركزي لتقوية الحقوق الفردية، بينما الثاني يحاول تقوية المركز على حساب الحريات.

سنة 1970 كانت مفصلية اذ سقط النمو الروسي بسبب تراكم الأخطاء الناتجة عن ضعف المنافسة الداخلية وتقييد الحريات الاقتصادية. لكن الاقتصاد لم يعرف النمو حتى بعد غورباشوف. في عهد يلتسين تدنى الناتج المحلي الفردي الحقيقي 40%. في بداية التسعينات عانت روسيا من التضخم القوي أي 2000% سنويا كما تدنى العمر المرتقب بسبب تراكم سلبيات الصحة والغذاء والمال. خصخصت الادارات الروسية بعض القطاعات، لكن ذلك تم بعجلة دون تحقيق المنافسة الضرورية لتحسين الانتاج. انتقلت الخدمات من احتكارات عامة الى خاصة، فاستفاد منها عدد قليل من الأشخاص الذين أصبحوا أغنياء الى حدود غير مسبوقة. نجاح غورباشوف السياسي تشوه بالنتائج الاقتصادية السيئة.

حلم غورباتشوف بوطن أوروبي واحد، أي عكس ما يحصل اليوم. اعتقد أنه من الممكن الحفاظ على الاتحاد السوفياتي من دون القوة أي عكس ما يحصل اليوم مع أوكرانيا. في 2019، قال الرئيس ماكرون أن روسيا أوروبية وأن الوحدة الأوروبية تمتد من البرتغال الى فلاديفوستوك. غيرت الحرب الأوكرانية ذلك كما تفكير الرئيس الفرنسي الذي شجب الهجوم الروسي. قال الرئيس بوتين أن حدود روسيا لا تنتهي، مما عزز الاقبال على دخول حلف شمال الأطلسي من دول كالسويد وفنلندا كانت محايدة.

تغيرت أوروبا مع الحرب الأوكرانية الى درجة لا يمكن معها الرجوع الى الوراء. حدود الـ 1340 كلم بين روسيا وفنلندا اليوم غير سالكة عمليا بسبب التشنج السياسي. بينما كان النقاش الأوروبي يرتكز قبل 3 سنوات على تحديد مواصفات السلع ونوعية الخدمات للتبادل التجاري، أصبح اليوم محصورا بالتجهيزات العسكرية والانفاق على الدفاع والأسلحة. من كان يظن أن ألمانيا التي عانت من الحروب الكبيرة تقرر إنفاق 112 مليار دولار على الدفاع؟ هنالك تغيير كبير داخل ألمانيا حول السياسة والانفاق والدفاع سيتوضح مع الوقت. جمدت روسيا عضويتها في اتفاقية الحد من الأسلحة، بينما تحاول أوروبا الانتقال الى قوة عسكرية كبيرة. هل هنالك خيارات أوروبية أخرى؟ تغيرت أوروبا ولا عودة الى الماضي. فالأجيال الجديدة الحاكمة مختلفة عن الماضي وكذلك الأوضاع.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment