bah "ستيغليتز" والأزمات الجدية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

"ستيغليتز" والأزمات الجدية

05/01/2024 - 15:17 PM

Prestige Jewelry

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

تواجه منطقتنا أزمات كبرى حتى قبل حرب غزة يجب وصفها بالتحديات لأن القدرات الموجودة كافية لتصحيح الأوضاع. المنطقة العربية هي من المجموعات القليلة التي تنتقل من مشكلة الى أخرى دون مساحات للراحة. ليست مشاكلنا المزمنة سياسية فقط بل ادارية واجتماعية واقتصادية أيضا تؤثر سلبا على الاستقرار. هنالك مشاكل أخرى تعتبر جديدة زمنيا تضاف الى المزمنة وهي موجعة ومرتبطة بما يحدث في العالم.

من أهمها في السنوات القليلة الماضية مواجهة الكورونا التي كلفت مليارات الدولارات في وقت تحتاج خلالها المنطقة الى كل قدراتها للنهوض. كان ثقل الكورونا كبيرا على موازنات الدول التي تعتبر في غالبيتها نامية. مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي كانت قادرة وحدها على المواجهة المالية الصحيحة. في كل حال الخسائر البشرية والمادية كانت كبيرة للجميع.

ما زالت دول المنطقة تواجه مشكلة التضخم الكبير أي العدو الصامت المؤذي الآتي ليس فقط من الحرب الأوكرانية التي رفعت أسعار المواد الأولية، خاصة الطاقة والقمح وانما أيضا من انخفاض العرض نتيجة التغيير الهيكلي في الانتاج الذي ترافق مع الكورونا. عاد التضخم العالمي القوي، اذ تبعا لصندوق النقد هنالك 15 من 34 دولة صناعية يظهر فيها التضخم واضحا. 78 من أصل 109 دولة نامية وناشئة تعرف أيضا التضخم القوي. ارتفاع أسعار السلع ومشكلة سلاسل الامداد أثرت على سقوط النقد خاصة في الدول النامية والناشئة.

اضطرت أكثرية الدول ليس فقط لزيادة الكتلة النقدية وانما أيضا لرفع الانفاق المالي على كافة الحاجات الشعبية والاجتماعية والصحية. رفع الفوائد لمواجهة التضخم أثر كثيرا، لكنه في نفس الوقت عمق أوضاع الركود والتباطؤ. قاد المركزي الأميركي عملية رفع الفوائد، والمصارف الأخرى أهمها الأوروبي تعاونت الى أقصى الحدود. بين أذار 2020 وأذار 2022، أبقى المركزي الأميركي الفائدة القصيرة الأجل بمستوى الصفر في وقت ضخ فيه النقد عبر ميزانيته التي تضاعف حجمها من 4 ألاف مليار دولار الى 9 ألاف.

هذا الانفلاش النقدي فرض على المصرف المركزي لاحقا التقشف النقدي السريع للمواجهة التضخمية.

هنالك أصوات اقتصادية مهمة معارضة لرفع الفوائد بالوتيرة التي حصلت بها. نصح الاقتصادي "جو ستيغليتز" بالتروي في رفعها لدراسة التأثير الحالي خاصة وأن نسب التضخم ستنخفض تدريجيا في معظم الاقتصادات وهذا ما يحصل. كما أن السيطرة على الكورونا أعاد فتح الأسواق مجددا على المنافسة وبالتالي انخفضت زيادة الأسعار كما أرباح الشركات.

قال ستيغليتز أن التضخم الحالي يعود لأمرين أولهما الانفاق المالي الكبير على الصحة والرعاية الاجتماعية في فترة الكورونا وثانيا مشاكل العرض، وبالتالي لن تأتي الحلول من رفع الفوائد بل عبر سياسات هيكلية وقطاعية صعبة التطبيق لكنها ممكنة.

أشار ستيغليتز الى أن قيمة الايجارات ارتفعت نتيجة انتقال العائلات الى أماكن سكنية أوسع تسمح لهم بالعمل والدراسة من المنزل. لذا من السياسات المطلوبة هي الاسكان بجوانبها التقنية والمالية والقانونية لزيادة عرض الوحدات السكنية.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment