بقلم الدكتور لويس حبيقة
تعود الى الواجهة علاقة الصين بالولايات المتحدة والغرب عموما. بالقوة الشرائية، في سنة 1950 كانت الصين تشكل 4,5% من الاقتصاد العالمي وأصبحت 18,6% في 2018. تدنى حجم اقتصاد أميركا من 27,3% في 1950 الى 15% في 2018. هذا يخيف أميركا ويجعلها تقلق على قوتها. بعد تصنيف روسيا في الموقع المواجه مع الحرب الأوكرانية، ظهر دور الصين الى العلن كمنافس للغرب في كل شيء. اذا صنفت الصين كعدوة للغرب، تصبح المواجهة الغربية اصعب أي ضد "عدوين" قويين سياسيًا وعسكريا في نفس الوقت.
قال المستثمر الديموقراطي "جورج سوروس" أن الرئيس ألأميركي السابق دونالد ترامب كان على حق في السياسة التي اتبعها ضد الصين أي المواجهة الجمركية. قال "هنري كيسينجر" أن ليس للولايات المتحدة سياسة طويلة الأمد تجاه الصين، بينما كانت لها سياسات واستراتيجيات مدروسة جدا تجاه الاتحاد السوفياتي. يقول كيسينجر أن التفكير الصيني طويل الأمد وهذا مهم جدا. لذا هنالك مواضيع متعددة يجب التفكير بها:
أولا: هل يمكن للولايات المتحدة أن تحافظ على تفوقها الاقتصادي والعسكري في ظل التحدي القائم مع الصين ومع الحرب الأوكرانية؟ ماذا يقول المنطق؟ هل من مصلحة أميركا عمل كل ما يجب حفاظَا على مصالحها الداخلية، أم التركيز على المواجهة الكبرى الطويلة الأمد مع الصين؟ هل يمكن للإدارة الأميركية تبرير انفاقها العسكري المتزايد أمام الشعب الذي يعاني من مشكلات اجتماعية وصحية ومعيشية عدة؟ هل من مصلحة الصين أن تنفق الولايات المتحدة كثيرا على الدفاع وبالتالي تتضر مصالحها الطويلة الأمد أي في التعليم والبحث والتطوير ومكافحة الهجرة؟ هل يمكن للولايات المتحدة أن تبني جبهة مواجهة عريضة ضد الصين وبالتالي تخفف عن نفسها؟ هل أوروبا واليابان مهتمتان بجبهة كهذه؟
ثانيا: هنالك صراع في الولايات المتحدة حول كيفية قيادة المواجهة مع الصين أي بصورة هادئة عبر الديبلوماسية أم قاسية عبر العقوبات والمقاطعة وصولا ربما الى المواجهة العسكرية. حول ترامب المواجهة الى قاسية، ولم تستطع ادارة بايدن العودة الى الهدؤ لأسباب سياسية وانتخابية داخلية. هنالك فارق كبير بين المواجهة الأميركية السوفياتية وتلك الحالية مع الصين. في الأولى كانت الحرب عقائدية أيديولوجية أي صراع النظامين الرأسمالي والشيوعي. أما الصراع الحالي مع الصين، فهو اقتصادي ويرتكز على طرق توسيع النفوذ دون المس بالعقائد. فالصراع مع الصين ربما أيضا مختلف، اذ تدخله أيضا الفوارق العرقية والدينية والحضارية التي لم تكن موجودة في زمن السوفيات.
ثالثا: هنالك تحدي يواجه الولايات المتحدة وادارتها وهي كيفية التصرف فيما يخص الصراع المزمن في الشرق الأوسط. هنالك انتقادات كبرى توجه للادارة من الداخل الأميركي بشأن حرب غزة وكل ما يتعلق بتوازن العلاقة بين اسرائيل والمجموعة العربية. تشير المعلومات الى ضرورة أن توضح ادارة الرئيس بايدن عقيدتها فيما يخص المنطقة، أي هل تريد فعلا تحقيق السلام وكيف وما هي التكلفة السياسية التي تستطيع تحملها؟ الضياع المستمر مضر للجميع.
Comments