bah الصين تتفوق أسيويا - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الصين تتفوق أسيويا

03/06/2024 - 14:15 PM

Bt adv

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

كانت اليابان في منتصف القرن الماضي القوة الاقتصادية العالمية التي وجب التنبه لها من قبل الغرب، وصدرت كتب مهمة تنبه الى هذا التحدي. لكن النتائج لم تكن بمستوى التوقعات، اذ أصبحت اليابان لاحقا قوة عادية لا يخشاها الغرب مطلقا، بل يتكل عليها لمواجهة الصين. كان يعتقد أن الأزمة الشرق أسيوية هي أزمة العولمة الأولى، وأن الصين بدأ من 1998 ستتقدم على اليابان لتصبح المحرك الاقتصادي لأسيا وهذا ما حصل مما سمح بقبول عضويتها في منظمة التجارة العالمية في 2001. يعتبر الاقتصاد الصيني مزيجا من الحر والموجه، أي نموذج يصلح للاقتصادات النامية الصاعدة نحو المستوى الناشئ. طريق الصين لم تكن سهلة ليس فقط بسبب المعاناة مع الكورونا، وانما بسبب الحذر الغربي الكبير من نموها المقلق سياسيا وعسكريا. يمكن وصف الاقتصاد الصيني المتطور بعوامل عدة تختصر تحوله مع الوقت من اقتصاد موجه الى رأسمالي حر.

تنتقل الصين من اقتصاد معتمد على الاستثمارات والصادرات الى آخر يعتمد على الاستهلاك. ينتقل الاقتصاد الصيني من الارتكاز على الصناعة الى التحول نحو الخدمات تماما كما كان حال الاقتصادات الصناعية المتطورة. تحولت الصين من اقتصاد يعتمد على فائض التوفير الى آخر يستعمل فيه التوفير لتحسين الأوضاع الاجتماعية عبر نظام ضمانات عام متطور. كما تنتقل الصين تدريجيا من اقتصاد متطور معتمد على التكنولوجيا المستوردة من الغرب الى آخر يعتمد تطوره على تجدد تكنولوجيا الداخل وتنوعها.

أما القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس شي، فتؤكد على تغيير كبير في الاستراتيجية أي عودة الى المركزية السياسية والاقتصاد الموجه وهذا ما يعتبر غربيا نقلة مقلقة الى الوراء. في المرحلة الحالية، تواجه الصين تحديان أساسيان هما النمو السكاني الضعيف الناتج عن سياسة الطفل الواحد السابقة كما ثانيا المنافسة القوية مع الولايات المتحدة. كان تأثير الكورونا أيضا كبيرا اذ ساهمت في تحويل الصين من اقتصاد مدهش في نموه الى عادي يواجه صعوبات كبيرة. حاولت الصين القضاء على الكورونا داخلها عبر العزل الداخلي والمقاطعة البشرية مع الخارج. يظهر أنها أخطأت في المواجهة كما أخطأت في توقيت تغيير السياسة مما جعل الخسائر تكبر في الحالتين. خسر قطاع الأعمال كثيرا خلال العزل، وها هو يخسر في الأسواق التنافسية العالمية مما ينعكس سلبا على النمو والتنمية.

بالرغم من أن الصين ألغت سياسة الطفل الواحد الا أن العودة الى الانجاب الحر يتطلب الكثير من الوقت بسبب تغير العادات وانتقال المجتمع الى الاستهلاك والانفتاح على العالم. ستحتاج الصين الى العمالة الضرورية للنمو وهذا لن يكون سهلا. من ناحية العلاقات مع الولايات المتحدة، هنالك مشكلة تايوان المانعة لتحقيق علاقات طبيعية إيجابية. كما أن أميركا تقيد علاقاتها التجارية مع الصين وهذا مضر للجانبين، علما أن الصين تبتعد عن المواجهات الحادة المباشرة لكنها تحتاج في نفس الوقت الى معالجة مشاكل اقتصادها الحالية وثم التطوير والبناء.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment