بقلم الدكتور لويس حبيقة
من الطبيعي أن تقيم كل دولة النموذج الاقتصادي الذي اعتمدته وتدرس فرص وامكانية تغييره أو تعديله للمصلحة العامة. ليس هنالك نموذج ثابت جامد بل من الطبيعي أن يكون متحركا لمصلحة الشعب والاقتصاد. في الوقت الذي يكون فيه التضخم مشكلة أساسية، لا بد من التفكير بالطرق التي تعزز المنافسة وبالتالي تساهم في تخفيض الأسعار.
تعزيز المنافسة في كل القطاعات واجب الحكومات تشريعا وفي الرقابة. هنالك رغبة خاصة في مجتمعاتنا العربية في الاحتكار وبالتالي رفع الأسعار وتخفيض النوعية أي استغلال المواطن والمستهلك. من المستحيل تطبيق الرقابة الرسمية على كل القطاعات وفي كل المؤسسات والشركات. من يضرب الاحتكار هي المنافسة، وهنالك ضرورة لتطبيق كل القوانين الحالية وثم تطويرها مع تنفيذ العقوبات على من يحاول الاحتكار كما يحصل في أعرق الدول الرأسمالية في أميركا وأوروبا. ليست هنالك ملائكة في الأسواق، بل قوانين واضحة صارمة تطبق على من يخالفها خاصة وان الرغبة في استغلال المواطن يمكن أن تكون كبيرة في زمن الصعوبات الاقتصادية والتحديات السياسية والأمنية.
في لبنان مثلا وحتى لو رغبنا في تطوير وجه لبنان الاقتصادي سيبقى القطاع الثالث رائدا مع تحسينات كبيرة مطلوبة في القطاعين الصناعي والزراعي. تطوير السياحة أسهل من قطاعات أخرى، وتجربة بيوت الضيافة ناجحة جدا ولا بد من تعميمها أكثر على كل الأراضي اللبنانية. نعود الى أهمية الارشاد الزراعي وانتقاء سلع تناسب تربتنا والمناخ، وهنالك دراسات وضعت ولا بد من تنفيذ ما أوصت به. في الصناعات، انتاج السلع ذات القيمة المضافة الكبيرة ضروري كما السلع الخفيفة التي تدخلها التكنولوجيا المتطورة.
لا بد من النظر جديا الى أوضاع الادارة العامة التي يجب تقليص حجمها ورفع انتاجيتها عبر ادخال التكنولوجيا توفيرا للوقت وتقليلا للاحتكاك بين المواطن والموظف. الادارة العامة الحالية لا تخدم اللبناني بل تشكل عائقا أمام تقدم الاقتصاد ولا بد من التحديث تخفيضا للتكلفة ورفعا لنوعية الخدمات. الأجور والمنافع غير مقبولة والحل لا يكمن في رفعها واحداث التضخم، بل في تكبير الاقتصاد وتعزيز فرص نقل موظفي القطاع العام الى الخاص أو تأسيس شركات ناشئة كما في كل الدول منها مصر والأردن والجزائر. يجب تطوير عمل الادارة العامة وجعلها تصب جهودها على أهداف معينة أهمها الحفاظ على المنافسة احتراما لحقوق المواطن والمستهلك.
الحكم اللبناني القادم من رئيس للجمهورية وحكومة جديدة يجب أن يشكل نقلة نوعية فكرية في طريقة تعاطي الادارة مع المواطن واحترامه. المسؤولون يجب أن يخدموا المواطن وليس العكس كما يحصل في لبنان منذ زمن. لن يزدهر الاقتصاد في ظل الفساد الحالي وسؤ المسؤولية، والمهمة لا شك شائقة. الخلاف السياسي العام غير مرتبط بالسياسات الاقتصادية والاجتماعة الفاضلة التي يمكن أن تتبع ضمن العهد المقبل، بل بأمور بعيدة كليا عن التطور والتقدم والازدهار والعلم ويمكن بالتالي أن تعجل في تدهور الاقتصاد الى مستويات خطرة.
Comments