bah القوة الصينية مستمرة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

القوة الصينية مستمرة

12/20/2023 - 18:47 PM

Atlas New

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

لم يشهد العالم سنة صعبة بل خطرة كما 2023. يمكن وصفها بالمؤسسة لعقود طويلة قادمة يتغير خلالها العالم بعمق وربما تحدث خلالها مواجهات خطرة بين الكبار. حربا أوكرانيا وغزة يغيران كثيرا في التوازنات الاقليمية والعالمية ليس فقط في السياسة وانما في الاقتصاد أيضا. لم تعد قواعد اللعبة بين الكبار نفسها، وربما تتغير هوية الكبار مستقبلا أيضا بسبب التكنولوجيا والعلوم كما تبعا لتطور العلاقات الدولية والاقليمية.

خلال العقود الماضية، تطور الاقتصاد الدولي كثيرا لكن فجوة الدخل والثروة توسعت بين الدول كما داخلها. انتقلت رؤوس الأموال كما السلع والخدمات لتساهم في توزع الانتاج بين الدول تبعا للأفضليات المقارنة ووفورات الحجم. أحدثت هذه المبادئ الصحيحة خللا في الاقتصاد الدولي، فتأسست دول قوية على حساب أخرى.

الصين استفادت كثيرا في الانتاج والنمو وأفادت دول أخرى استوردت السلع بأسعار أدنى بكثير من تكلفتها الداخلية. لكن مع الوقت أحدث هذا الخلل خوفا من انتشار قوة الصين عالميا ليس فقط في الانتاج العادي وانما خاصة في العسكري أي في القدرة على السيطرة وتوسيع النفوذ. واقع الاقتصاد الصيني ليس جيدا، أهم مؤشراته انحدار النمو الى النصف في 2022 وانهيار القطاع العقاري كما الاغلاق الطويل لمواجهة الكورونا.

بين سنتي 1980 و 2019، تفوقت الصين في نموها على كل الاقتصادات الغربية. تتغير السياسات الصينية تدريجيا بعيدا عن الأسواق الحرة الى الموجهة. تقوية السلطة المركزية على حساب الأطراف تؤشر الى تغيير كبير مستمر يتعمق سياسيا ونفوذا لكنه لن ينعكس إيجاباً على الاقتصاد. تجربة الاتحاد السوفياتي ربما تصلح، اذ تقوية السلطة المركزية على مدى عقود في موسكو أضر بالنمو والتجديد والبحث والتطوير.

"الاقتصاد أولا والعقيدة السياسية ثانيا" كما كان الحال في الصين منذ "ماو" تحول الى العكس اليوم أي السياسة أولا. هنالك وقائع داخلية تشير الى تغيير سلبي لطريقة التعاطي مع القطاع الخاص والشركات الكبيرة، وهذا لا بد وأن ينعكس سلبا على مستوى النمو مستقبلا.

تتحول الصين تدريجيا من ارتكاز نموها على الطلب الخارجي أي صادراتها الى الطلب الداخلي أي الاستهلاك المحلي. هنالك تغيير كبير في تعاطي الولايات المتحدة مع الصين. بدأ ذلك منذ دخول الصين الى منظمة التجارة العالمية حيث لم تفتح الصين قطاعها العام أمام الشركات الغربية، وبالتالي لم تستفد أميركا من انضمام الصين الى المنظمة كما اعتقدت.

وضع الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب تعريفات جمركية مرتفعة على الاستيراد الصيني استمر بها الرئيس بايدن، لكن الضحية لم تكن الصين التي وجدت أسواقا بديلة بل المستهلك الأميركي الذي يدفع أسعارا أعلى.

هنالك من يقول أن الرئيس ترامب لم يكن الرئيس المناسب لأميركا بل للصين. عندما يشعر 17% من سكان العالم بالقلق نتيجة العلاقات السياسية الخارجية والداخلية، لا بد وأن نشعر جميعا بالقلق نفسه. حجم الصين يكبر وتأثيره يزداد بسرعة وبخطى ثابتة مما يشير بوضوح الى القوة والنفوذ.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment