bah ركائز التنمية والتمويل - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

ركائز التنمية والتمويل

10/11/2023 - 15:54 PM

Bt adv

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

كل الدول تريد أن تزدهر. تكمن المشكلة في أن معظم الدول النامية والناشئة يريد تمويل التنمية من الهبات والمساعدات، أي بالطرق السهلة وان لم تكن مجانية. الدول الغنية لم تعد كذلك بعد الكورونا والحرب الأوكرانية واليوم يأتي التضخم ليأكل الأخضر واليابس. يقول المنطق أن على الدول النامية والناشئة أن تسأل نفسها ما هي السياسات التي يمكن أن تعتمدها لتحقيق الازدهار الاقتصادي؟ المساعدات هي ايضافات ولا يمكن أن تكون الحل الأساسي. المعروف أن عملية التنمية الاقتصادية هي حلقة تطورات في قطاعات عدة أهمها التكنولوجي، النهوض الصناعي والتغييرات الهيكلية المرتكزة على توافر اليد العاملة ورؤوس الأموال كما البنية التحتية. هذه الركائز تحدد الميزات التفاضلية للدول، وبالتالي الصناعات والسلع والخدمات التي تسمح لكل دولة بالفوز في الاقتصاد الدولي.

قال "جاستين لين" الاقتصادي الصيني أن على الدول النامية والناشئة أن تعترف بقوة الأسواق وحريتها وبالتالي أن تخفف دور القطاع العام في الاقتصاد. عليها وضع القوانين وايجاد المؤسسات العامة التي تسمح للقطاع الخاص بالنمو عبر قيادة التقدم التكنولوجي والنهوض الصناعي. قال "ألبرت أينشتاين" أن أصحاب النظريات يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء، لكنهم لا يستطيعون تطبيق أي شيء. أما أصحاب التطبيق العملي، فينجحون في العديد من العمليات لكنهم لا يعرفون كيف. قال "ونستون تشيرشيل" أن المتشائم يرى صعوبات في الاستفادة من كل الفرص، أما المتفائل فيرى فرصا في كل الصعوبات. لذا فلنكن تطبيقيين ومتفائلين كي ننجح في عملية الازدهار. من الضروري أن لا نفقد الأمل في تحقيق ما نرغب به. كل دولة يمكن أن تزدهر، كما قال "فاكلاف هافيل"، اذا نظمت نفسها ونظرت بتفاؤل وأمل الى المستقبل.

هنالك دول نجحت في تحقيق الازدهار وسقطت اقتصاديا لاحقا. سريلانكا مثلا حققت مستوى معيشة مرتفع في اقتصاد مستقر حتى مؤخرا حيث عمت الفوضى الشعبية والسياسية. كان الناتج المحلي الفردي 70% أعلى من المؤشر الهندي. أما العمر المرتقب فوصل الى 77 سنة مقارنة ب 73 لبنغلادش، 70 للهند و67 لباكستان. سقط الاقتصاد السريلانكي مؤخرا للأسباب التالية مجتمعة: الكورونا القوية، الحرب الروسية على أوكرانيا وما تبعها من تضخم، التخفيض الضرائبي غير المنطقي، منع استيراد السماد والأدوية الكيماوية الأساسية للزراعة بسبب شح العملات الصعبة مما سبب نقصا في عرض السلع الغذائية.

هنالك أسباب أخرى أهمها محاولة الحكومة السريلانكية دعم النقد بمستوى بين 175 و 200 للدولار، لكنها لم تستطع فسقط "الروبي" الى 350 مع زوال الاحتياطي الاجنبي. أما الخطاء الأساسي فهو رفض الحكومة تسديد الديون بالعملات الأجنبية دون أن تلجأ الى صندوق النقد الذي له شروطه طبعا والتي تبقى أفضل من الافلاس والسمعة السيئة في الأسواق المالية العالمية. أخذت سريلانكا قرضا من الصين لكنه لم يكف، وعادت متأخرة الى صندوق النقد. سريلانكا مثل حي لدولة تتحول من مزدهرة الى ساقطة بسبب السياسات الاقتصادية غير المناسبة.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment