بقلم الدكتور لويس حبيقة
في ظل الظروف الضاغطة دوليا، تطل علينا بوتيرة سريعة وجرأة مجموعة البونزيين، أبناء وبنات تلك المدرسة الشهيرة التي أسسها "تشارلز بونزي" في القرن ما قبل الماضي. ولد بونزي في مدينة لوغو في ايطاليا في 331882 ضمن عائلة ميسورة لكنها لم تكن غنية. أرادت والدته أن يصبح محاميا أو قاضيا وهو الولد الوحيد للعائلة.
مسيرة تشارلز "المحتال" العالمي المعروف، كانت شاقة طويلة وصعبة وكانت له جولات من النجاح والفشل أدت به الى الموت فقيرا في البرازيل بعد معاناة قاسية مع المرض. مسيرة بونزي كانت فاشلة ولها ليس فقط دروس سلبية وانما أيضا رسائل ايجابية يحاول العالم التعلم منها. بونزيي اليوم الموجودين في القطاعات المالية والمصرفية هم أكثر دهاء واحتيالا ويحاولون تحقيق الثروات الكبيرة بسرعة عبر التقنيات الجديدة ولا تهمهم أعداد ضحاياهم. بونزيي اليوم هم أكثر عنفا وقساوة من بونزي نفسه.
كان الميراث الذي حصل عليه بونزي من والده متواضعا. بونزيي اليوم ربما يأتون أكثر من مجتمعات غنية تريد زيادة ثرواتها بسرعة وبكل الطرق. ذهب تشارلز الى الجامعة في روما وألتقى طلابا من عائللات غنية وحاول نسخ تجربتهم في العيش والانفاق، وهذا ما خلق له مشاكل مادية ونفسية معقدة.
حتما كانت النتيجة الفشل في الدراسة والمعيشة، وبالتالي اضطر لمغادرة روما. في عمر ال 21 أي في 3111903 غادر الى بوسطن وكان هدفه تحقيق الثروة في أميركا بسرعة والعودة الى ايطاليا للتمتع بها. كانت السفرة البحرية شاقة خاصة من ناحية الطعام التي كانت نوعيته سيئة. وصلت الباخرة الى بوسطن في 1711 وكان تشارلز مفلسا ولم يكن يجيد الانكليزية مطلقا. تنقل بين المدن الأميركية وتعلم اللغة بسرعة وهو الشاب الذكي الطموح وبدأ يبحث عن وظيفة مناسبة تصله الى هدفه.
ذهب بعدها الى كندا وتوظف في مصرف ايطالي حيث بدأ التفكير في مخططه. أفلس ذلك المصرف وذهب المدير "تشارلز بونزي" الى السجن لمدة 3 سنوات أمضاها في مونتريال. بسبب حسن تصرفه في السجن خفضت العقوبة الى 20 شهرا. الفشل في كندا دفعه الى محاولة العودة الى أميركا، لكن شرطة الحدود أوقفته وعاد الى السجن لمدة سنتين في أتلانتا، والأسباب هنا قانونية مرتبطة بقوانين الهجرة والتنقل. تعلم في السجن أن النظام القضائي الأميركي يتعاطف مع السجناء الأغنياء، وهذا ربما حال العديد من الأنظمة مما ساهم في دفعه مجددا الى تحقيق الثروة لكن بطريقة شرعية كما قال. لا يريد العودة الى السجون وكانت الأربع سنوات التي أمضاها فيها كافية. كانت له أعمال انسانية قدرت له.
بونزيي اليوم أخطر من معلمهم وذلك بالرغم من أن الأجيال الحالية متعلمة أكثر من الماضية. السبب هي أن تقنيات الغش تطورت وأصبحت تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي يجهله الكثيرين. النصيحة الأهم هي الحذر من المجهول وعدم اتخاذ أي قرار قبل الدرس والاستشارة.
Comments