bah الحرية الاقتصادية والتضخم - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الحرية الاقتصادية والتضخم

08/30/2023 - 17:08 PM

absolute collision

 

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

التضخم يضرب الاقتصاد العالمي.  هل النظام الرأسمالي بحد ذاته ومن داخله وبسبب مقوماته ينتج التضخم؟  عموما كل عشر سنوات ينتشر التضخم في كل الدول بدأ دائما من الصناعية الأساسية.  في بداية 2022 كانت الأوضاع في ألمانيا ممتازة، لكن كل شيء تغير مع الحرب الأوكرانية التي بدأت في 24 شباط.  ارتفعت الأسعار وانخفضت الثقة في الاقتصاد وتدنت الصادرات.  قدر نمو الاقتصاد الألماني ب 2,9% في 2021 و 1,2% في 2022 كما وصل التضخم السنوي الى 8,3%.  ينتشر التضخم بسبب العلاقات التجارية والمالية القائمة عالميا مما يجعل محاربته صعبة بل تتطلب جهودا مشتركة يصعب أحيانا التوافق عليها.

من أسباب التضخم وجود فساد كبير في كل الدول يمنع عمليا المنافسة الحرة وبالتالي يساهم في رفع الأسعار.  هنالك مشكلة مشتركة وهي غياب الاستقرار الاجتماعي والقانوني والمؤسساتي في أكثرية الدول.  مشاكل اللاجئين والنازحين والمهاجرين كما التطرف اليميني واليساري كلها مسببات أساسية لعدم الاستقرار وسقوط الثقة.

هل النظام الرأسمالي في ركائزه مسبب أساسي للتضخم؟  هل المزايا الأساسية التي يرتكز عليها أي المنافسة والحريات والملكية الفردية تسبب ارتفاعا في الأسعار؟  هل يمكن تطوير النظام من دون التسبب بمزيد من التضخم؟  هنالك عيوب أساسية ونتائج سلبية كبيرة للنظام الرأسمالي المعتمد منذ الحرب العالمية الثانية، أهمها توسع فجوتي الدخل والثروة داخل الدول وفيما بينها.  هنالك عدم تكافؤ فرص بين المواطنين تبعا للمناطق والمجتمعات والقوانين مما يفرض على الحكومات التدخل لتخفيف الفوارق في التعليم والصحة والغذاء.  يجب تضييق فجوة الفرص وصولا الى المساواة.

في آخر الاحصائيات، بلغت نسبة ارتفاع أسعار الاستهلاك السنوية 9,1% في الولايات المتحدة و 9,6% في الوحدة الأوروبية.  تحاول المصارف المركزية محاربة التضخم عبر رفع الفوائد الأساسية، وهذا ما فعله مرارا المصرف الأميركي وما يفعله المصرف الأوروبي مؤخرا.  مشكلة رفع الفوائد تكمن في تسببها في احداث ركود وهذا ما حصل في أميركا حيث انخفض النمو.  هذا خبر سيء للحزب الديموقراطي على أبواب انتخابات رئاسية قد تسمح بالتجديد للرئيس بايدن.

في الولايات المتحدة هنالك من يتهم الرئيس بايدن بالتسبب في التضخم بسبب برنامجه الانقاذي في بداية 2021 الذي ضخ 1,9 ألف مليار دولار في الاقتصاد.  لكن هنالك من يعترض على هذه التهمة لأن المستهلكين الأميركيين ادخروا قسما كبيرا من هذه الأموال كما أن انفاق سلطات الولايات وكافة السلطات المحلية ارتفع بأقل من 1% من الناتج المحلي الاجمالي.  من ناحية أخرى استوعبت البطالة قسما مهما من هذه الأموال كما أن الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي لم يرتفع بعد الى ما كان عليه قبل الكورونا.  ليست هنالك دلائل مؤكدة على التأثير المباشر للبرنامج الانقاذي العام الأميركي على مؤشر أسعار الاستهلاك.

أما الحرية الاقتصادية فتبقى مهمة جدا ويجب الحفاظ عليها حتى لو انتجت بعض المساوئ.  ضبطها في القانون ضروري لمنع التجاوزات على حساب الصغير والفقير.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment