bah التضخم مستمر ومؤذ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

التضخم مستمر ومؤذ

07/04/2023 - 07:09 AM

Prestige Jewelry

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

عاد التضخم بقوة وسرعة الى كل الاقتصادات بسبب عوامل داخلية ودولية.  التضخم سارق لا يرحم ولا ينتظر الوقت المناسب حتى يهجم.  هو موجود دائما ليسرق الأجور وأصحاب الدخل المتوسط كما ليضرب الاستقرار الاقتصادي والمالي خاصة الأسواق المالية والبورصات العالمية.  يسرق الودائع التي تذوب قيمتها معه، لكن المستفيدين في نفس الوقت يكونوا المدينين اللذين تتقلص القيمة الحقيقية لديونهم.  من السياسات التي يصعب انجاحها هي المكافحة للتضخم، اذ يمتد بسرعة الى كل أنحاء الاقتصاد فيوجه التصرفات والتوقعات وبالتالي تفشل معظم السياسات في القضاء السريع عليه.  تهدف السياسات العامة الى تحقيق استقرار الأسعار لأنه المدخل الرئيسي للنمو القوي المستمر.

لا ننكر أن التقدم التكنولوجي العام أثر على الحياة وطريقة العيش كما على المناخات المسببة للتضخم.  للتقدم التكنولوجي كما لكل جديد جوانب ايجابية وأخرى سلبية، لكنه في كل الأحوال أثر على كيفية عيشنا.  يعتبر الاقتصاديون أن فترة 18702010 هي التي تأثرت كثيرا بالتقدم التكنولوجي مما يعني أنها الفترة التي وجدت خلالها 3 أمور أساسية هي تأسيس الشركات العملاقة، البدء بالبحث والتطوير خاصة الصناعيان كما انتشار العولمة في كل أنحاء الكرة الأرضية.  فوائد التقدم التكنولوجي كبيرة لكنه لم يجعل المجتمعات أفضل وخاصة لم تصبح سعادة المجتمعات أعلى من السابق.

أسباب التضخم نوعان منها من يصدر عن الطلب ومنها من ينبع من العرض.  ارتفاع الطلب في ظل عدم تجاوب العرض يرفع الأسعار وهذا طبيعي ومنطقي.  من الممكن أن يكون مصدر التضخم ضعف العرض تماما كما يحدث الآن، حيث أسبابه هي ارتفاع أسعار الغذاء والمواد الأولية نتيجة حرب أوكرانيا كما بسبب سلاسل الامداد التي بدأت مع الكورونا وعرقلت وصول السلع الى طالبيها.  المرافق العالمية الكبيرة ما زالت تحتوي على أعداد مرتفعة من الحاويات تنتظر لتفرغ بضائعها، وهذه المشكلة لم تتم السيطرة عليها كليا.  امتداد المواسم الاضرابية الى كل الدول حتى التي تنعم بمستوى دخل مرتفع يؤثر سلبا على العرض وبالتالي يغذي التضخم.

هنالك من يتهم الشركات الكبيرة الجشعة بالتسبب في خنق العرض لرفع الأسعار وتحقيق أرباح هائلة يطعن في شرعيتها دوليا.  لا شك أن الجشع موجود ومحاربته تتطلب توسيع المنافسة وتطبيق القوانين المحاربة للاحتكارات المعتمدة في كل الدول.

يأتي تضخم اليوم من العرض والعالم يحاول مواجهته عبر الطلب أي عبر سياسات المصرف المركزي والسياسات المالية التي تخفف ضغط الطلب على السلع والخدمات.  وزارات المال تحاول ترشيد الانفاق لتخفيف زيادة الأسعار، بينما تقوم المصارف المركزية برفع الفوائد لتؤثر سلبا على تكلفة شراء كل السلع والخدمات وخاصة العقارات.  تخفيض الطلب أو أقله نموه ربما يساعد العرض على مواجهة الطلب وبالتالي تتأثر الأسعار سلبا.  أخيرا تضخم اليوم يأتي خاصة من ارتفاع أسعار المحروقات والغذاء والأدوية نتيجة الحرب الأوكرانية، وبالتالي حسن المواجهة يتطلب التأثير ايجابا مباشرة على العرض وهذا ما لم يحصل بنجاح بعد.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment