بقلم الدكتور لويس حبيقة
هنالك صراع عالمي بين الشعبوية والليبيرالية يؤثر على النتائج الاقتصادية داخل كل دولة. تعني الشعبوية سيطرة فريق عرقي أو عنصري أو ديني على مرافق الدولة، فيتجمع وراء زعيم يحمل تطلعاته. تختصر الشعبوية الصراعات الكبيرة داخل الولايات المتحدة والتي تجلت بوضوح خلال عهدي الرئيسين أوباما وترامب. ترتكز الشعبوية على الاعتقاد أنه لا يمكن لكافة أقسام المجتمع أن تربح اقتصاديا في نفس الوقت، بل هنالك دائما رابح وخاسر. من يربح يحكم وبالتالي يحاول الفريق الآخر قلب المعادلة في الصراع، وهذا ما حصل عن قصد أو غير قصد في الولايات المتحدة.
فاز الرئيس باراك أوباما بالرئاسة نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي عاشتها أميركا في 2008، فتميزت ادارته بالموضوعية والاعتدال. يشكل السود 13% من الشعب الأميركي، لكنهم يعانون من مشاكل اجتماعية عدة. 41% من المساجين هم من الرجال السود كما عدد الولادات من القاصرات السود هو ضعف العدد من الفتيات البيض. الدخل الوسيط Median للمواطن الأسود هو الأدنى بين مختلف المجموعات الأميركية ويعادل 61% من الدخل الوسيط عند البيض.
كان هنالك خوف من قبل الجمعيات التي ترتكز عضويتها على المواطنين البيض من أن ينجح أوباما فيقوي موقع السود في المنافسات الداخلية. يقول الكاتب كوتس Coates في كتابه "كنا لمدة 8 سنوات في الحكم" أن شعبوية أوباما واعتداله قويا الجمعيات التي ترتكز عضويتها على البيض. لذا انتقلت الولايات المتحدة خلال 8 سنوات من شعبوية الى أخرى، أي من أوباما الى ترامب. بدأت مشاكل أوباما العملية في سنته الرابعة مع اطلاق حملة عنيفة ضده واتهامه بأنه لم يولد في الولايات المتحدة وبالتالي لا حق له أصلا بالرئاسة. اتهم أنه "عربي ومسلم" لتجييش المعارضة ضده، وكان وراء هذه الحملات المغرضة أشخاص بينهم دونالد ترامب.
اتهم أوباما انه لم يمارس السلطة من موقع الرئيس الأسود بل من موقع الرئيس الوطني الجامع. ربما لم تكن الولايات المتحدة جاهزة بعد لرئيس أسود، فاختارت عمليا رئيسا "أبيض" ببشرة سوداء. الأميركيون وصفوا الرئيس بيل كلينتون بأول رئيس أسود بسبب العقيدة وليس البشرة. وصول رئيس أسود الى السلطة قوى عمليا التجمعات البيضاء بدل أن يضعفها وهي كانت وراء الهجوم على الكونغرس في 612021. حقيقة ترامب هو أول رئيس فعلا أبيض وصل الى السلطة بالمعنى السياسي طبعا.
في الأنظمة الشعبوية لا تحترم عموما حقوق الأقليات بل الرابح يحكم والخاسر يعاني. تغيب الحوارات الديموقراطية العامة المبنية على الفكر والعقائد وتسيطر الغريزة أو التعصب. لا تحترم القواعد الدستورية التي تشدد في كل الدول على احترام حقوق الانسان والحوار وحرية التخاطب. تؤدي الشعبوية الى الانسحاب من الحياة الديموقراطية الحرة، مما يؤثر سلبا على العلاقات بين المواطنين كما على العلاقات بين الدول. تعتبر الشعبوية أن مشاكل أي مجتمع تنبع من سؤ الاداء المقصود ولا تنتج بشكل طبيعي عن الحياة العادية لذا تبقى معقدة.
Comments