بقلم الدكتور لويس حبيقة
سررنا جميعا لتوقيع لبنان مع بعثة صندوق النقد الدولي على اتفاق أولي بشأن انقاذ البلد من الأوضاع التي نعيشها والتي تتعدى المؤشرات الاقتصادية العادية. هنالك آليات داخلية لا تعمل بل تعطل أي مسيرة ايجابية. تصل الاتفاقية عمليا الى كل جوانب المجتمع بدأ من السياسية الى الاجتماعية والأخلاقية وكل ما يرتبط بالفساد المستشري عموديا كما أفقيا.
وقع المسؤولون اللبنانيون مع بعثة الصندوق على برنامج أولي للاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي والاداري يساهم في احداث نمو مبني على الشفافية مما يساهم في دعم لبنان في حاجاته المتراكمة. سيمنح لبنان على أساسه قرضا ب 3 مليارات دولار يسدد على 4 سنوات. يمكن لهذا المشروع أن يتغير تبعا لتغير الأوضاع الداخلية. حقيقة التطورات في ظل غياب الحلول تدفع بالاقتصاد الى الوراء. في كل حال، لينفذ الاتفاق يحتاج الى موافقة ادارة ومجلس ادارة الصندوق وهذا ليس بالمؤكد في وجود الشلل السياسي الداخلي. المطلوب ان يقوم لبنان بخطوات مسبقة منها الموافقة على الموازنة وغيرها.
قرض صندوق النقد يفتح مجالات كبرى للتمويل الايضافي من الدول الشقيقة والصديقة كما من قبل المؤسسات الدولية فتدعم جميعها البرنامج. حاجات لبنان التمويلية تفوق الى حد بعيد الثلاث مليارات دولار. معالجة مشكلة الدين العام تدخل في البرنامج علما أنه من المستحيل ايجاد حل مقبول لهذا الدين في غياب النمو القوي الطويل الأمد. فعلا يواجه لبنان اليوم أزمة كبيرة لم يعرفها سابقا وتؤدي الى ارتفاع مؤشرات الفقر والهجرة والبطالة الى حدود مخيفة. ما يحصل اليوم هو نتيجة سنوات طويلة من الاهمال والتبذير والفساد وسؤ المسؤولية من قبل معظم السياسيين اللبنانيين.
هنالك اجماع اليوم بأن معظم السياسات العامة التي طبقت في لبنان خلال العقود الثلاثة الأخيرة لم تكن فضلى، وان كانت كذلك لفترات محدودة. كان يجب تعديلها أو تغييرها في الأوقات المناسبة وهذا ما لم يحصل. تراكمت الأخطأ وها هو المواطن يدفع الثمن فقرا وصحيا واجتماعيا. من هذه السياسات الدعم الذي أفقرنا وأكل ودائع الناس لتمويل فساد وتهريب وتهرب كنا بغنى عنها. كذلك الأمر بالنسبة لسياسة سعر الصرف الثابت الذي أبقى مصرف لبنان عليها بالرغم من كل المحاذير والمخاطر. ان استمرار هذه السياسات السيئة والرهان على تحسن ما أو انقاذ مجهول الهوية والمصدر والتوقيت كان كارثيا. في الواقع لا ينقذ لبنان الا نفسه بالاضافة طبعا الى مساعدة الآخرين.
توقيت الاتفاق الأولي مع الصندوق حرج جدا للبنان بالرغم من ضرورته. وجود هكذا اتفاق أفضل بكثير من عدمه بل نحتاج اليه. لكن كي يطبق، يحتاج الى مساهمة وعمل مجلسي النواب والوزراء. هنالك شغور رئاسي يبدو مقفلا. مجلس النواب ينعقد فقط كهيئة ناخبة بانتظار انتخاب الرئيس. مجلس الوزراء يصرف الأعمال مع مقاطعة ثلثه للجلسات وبالتالي محدود الفعالية. إدارة البلد مشلولة حتى تجاه الأمور الأساسية، فكيف بتوقيع اتفاق مهم مع صندوق النقد؟.
Comments