الرئيسية

الاقتصاد

صندوق النقد وشروط الانقاذ

05/05/2023 - 19:55 PM

بقلم الدكتور لويس حبيقة

ما طلبه صندوق النقد من اصلاحات مهم بل ضروري لكن التحدي الأكبر يكمن في الوقت المتاح للتنفيذ والقدرة على ذلك. أهمية قرض صندوق النقد أنه يفتح الباب أمام وصول أموال أخرى من الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات العالمية، نحن بحاجة ماسة اليها لتعويم القطاع المصرفي واعادة الودائع الى أصحابها. فالمودعين أبرياء ولا يمكن تحميلهم أخطاء الحكومات ومصرف لبنان والمصارف. من يخطئ يعاقب، ومن لا علاقة له بالأخطاء هو بريء.

ما زلنا لأسباب أو أخرى غير قادرين على انتاج موازنات عامة فاعلة هادفة واضحة ضمن رؤية صائبة في مواعيدها الدستورية. لا نحتاج الى صندوق نقد ليفرض علينا اصدار موازنة 2023 اذ هذا هو واجبنا العادي. حتى القوانين الجيدة التي أقرت في زمن البحبوحة أي قبل 1975 نحاول تغييرها لأنها تزعج كالسرية المصرفية وتحويل رؤوس الأموال. المشكلة في لبنان لا تكمن في نوعية القوانين بل في الممارسة السيئة وفي استغلال النواقص في القوانين للاستفادة منها. في كل المواضيع بما فيها التنقيب النفطي والعلاقات الخارجية نحن مختلفون على الكثير وليس بالضرورة على الأهم وحتى ليس على المهم، بل معظم الأحيان على التفاصيل.

ما زلنا مختلفين في لبنان مثلا على حقوق المواطن أي على حقوق المرأة والطفل كما على حقوق العمالة الأجنبية وهذه جميعها ليست تفاصيل، بل مرتبطة بالثقافة والتاريخ والتربية والتعليم. لا يمكن لنظام أن يستمر في ظل سلطات ضائعة ومسؤوليات ضبابية، وكلما توضح شيء ما نعمل كل جهدنا لتدميره أو لادخاله في الصراعات الداخلية. كل مجالسنا ولجاننا لا تعمل كما نشتهي والمشكلة ليست فقط بالأشخاص وانما خاصة بالانظمة الذي تعاقب المستقيم.

لا يمكن في لبنان أن نتقدم في ظل الأنظمة الحالية وممارستها. لذا دور صندوق النقد في الانقاذ جيد لكنه محدود. نتخفى في معظم الأحيان وراء المذهبية لرفض التغيير. يجب تحديد الصلاحيات أكثر حتى لو اضطرينا الى ترك المذهبية أو ربما المداورة بها. اعطاء صلاحيات لأي مركز يفسر مباشرة بأنه تمييز لمذهب على الآخرين. اذا كانت المداورة مع صلاحيات كما في الدول التي تسير أعمالها وأعمال المواطنين مفيدة فلتكن، اذ ما أهمية موقع اذا كان مشلولا. في كل الدول، عندما تتعقد الأمور يلجأ الى الحلول فتجرب واذا لم تنجح تغير مجددا. في لبنان نعلم جميعا أن الأوضاع سيئة وأن آليات الحل تعقد بدل أن تسهل ولا نجروء على وضع الحلول لأن المصالح المذهبية والطائفية تسبقنا. يجب أن نكون جريئين لمواجهة الواقع ولا نساير بعضنا البعض أي لا نغش بعضنا البعض لأن هذا يؤخرنا.

الاتفاق مع صندوق النقد ايجابي وهو تحدي كبير لنا، لكنه لن يحل كل مشاكلنا. فهو خطوة أولى على الطريق الطويل التي تتطلب اصلاحات تتعدى الاقتصاد لتصل الى السياسة وربما الدستور. يجب تطوير آليات حل المشاكل مما يسمح للقرارات بأن تؤخذ وتنفذ.