bah المسؤولية ازاء الاخر بين الامس واليوم - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

المسؤولية ازاء الاخر بين الامس واليوم

09/16/2025 - 21:13 PM

Bt adv

 

 

 

ابتسام يوسف الطاهر

 

بالأمس القريب لم تقتصر مسؤولية الفرد على العائلة والمقربين فقط ، بل كانت تمتد الى الجار والحي ومنها ازاء المجتمع والوطن. والشخص الذي يمتلك تلك الاحاسيس وروح المسؤولية نراه يفكر بالانسانية كلها. لهذا كان التضامن مع الشعوب المضطهدة صادقا وفعالا دون انتظار لماينشره الفيسبوك او الانترنت.

فالجزائر خلال ثورتها ضد الاستعمار الفرنسي هبت الشعوب العربية بل حتى الاوربية، ومنهم فصائل من الشعب الفرنسي نفسه، لمساندتها ليس من خلال المؤتمرات والمظاهرات والشعارات فقط، بل تطوع الكثير من الشباب العربي من العراق ومصر ليقاتلوا مع الثوار الجزائريين ، بل امتدت روح التضامن والتضحية لشباب اوربا فقد تطوع شباب من فرنسا نفسها ومن اسبانيا ليشاركوا في تلك المعارك التي هزمت فرنسا ونالت الجزائر استقلالها، ومنهم من قتل على يد )المجاهدين( كما عرفنا من خلال رواية اللاز للكاتب الكبير الطاهر وطار..والتي قرأها المرحوم القائد الهواري بومدين بتلك الروح المسؤولة وقدم اعتذارا رسميا لاهالي الضحايا الذين قتلوا خطأ وجهلا. .

كان الشعور بالمسؤولية والتضحية شعورا بديهيا وعززه ثقافة الفرد وخياراته في الانتماء. فنجد اغلب اؤلئك هم من حملة الفكر اليساري بشكل عام والشيوعي بشكل خاص.

حتى قضية فلسطين ومأساتها مع ابشع استعمار همجي ، كان من ضمن الفدائيين الذين قاتلوا مع الفلسطينيين والعرب كان هناك يابانيين وافراد من بعض الدول الاوربية التي ناصرت القضية الفلسطينية.

وهناك امثلة عديدة تشمل شعوب امريكا اللاتينية وافريقيا وغيرها. ما اريد ان انوه له هنا هو نماذج فردية بعيدا عن انتمائاتها السياسية وخلفياتهم الاجتماعية. اذكر الشاعر الفقيد طه الطاهر، احساسه بالمسؤولية ظهر منذ صغر سنه، كان يدافع عن الجار اذا تعرض لاعتداء او تنمر من قبل جار اخر . بل كان وهو مستطرق في الشارع يقف مع المظلوم او المعتدى عليه او يحاول ان يحول بين المتخاصمين ليمنع ان يصل الامر الى حدود خطره. وقد عرضه ذلك لمتاعب مع الاشرار والشرطة ايضا! لذا كانت علاقته بابناء اخوته لاتتقصر على روح القرابة بل كان يتبنى احساس الابوة ازاءهم ويحرص على الاهتمام بهم ومساعدتهم ليسلكوا السلوك الحسن وللتفوق بالدراسة.

نموذج اخر عرفت عنه من خلال الفيديوات ولقاءات مع المقربين او من عرفوه.. انه المطرب الخالد عبد الحليم حافظ، من الاحاديث مع اولاد رفيقه محمد الموجي، عرفت مدى احساسه بالمسؤولية ازاء اولاد زميله وصديقه الفنان الموجي، حتى انه كان يعاقب من لاياتي بدرجات جيدة في الامتحان كان يفرض عليهم عدم الذهاب الى النادي وحين يشكون لابيهم، يقول لهم اعملوا مايقوله لكم الحليم… شعرت ان ماخلد عبد الحليم فنانا ومطربا اضافة الى صوته النادر وحسه الفني الفريد والراقي وذكاءه في اختيار الالحان والكلمات، كان ذلك الاحساس المرهف بالغير وتضامنه مع شعبه، فحسب الابنودي ان بيت عبد الحليم كان مقرا لاجتمعاتهم الفنية والسياسية..ومنه خرجوا للاحتجاج على استقالة عبد الناصر بعد النكسة!

نموذج اخر مشرف نقله لنا الوالد عليه الرحمة والسلام، حين كان طالبا في الابتدائية كانت المدرسة لا تكتفي بمسؤوليتها عن الطلبة خلال اوقات الدوام بل تمتد الى ابعد من ذلك.. كان الطالب يحرص على السلوك الحسن في الشارع خوف ان يوبخ او يعاقب اذا عرفت المدرسة عن اي تصرف غير لائق خارج المدرسة.

بينما اليوم ومع انتشار ثقافة (الشعلية) أو (هذا ليس ذنبي) والاعتماد على الذات بدلاً من المجتمع.. في حين كان الماضي يركز على الدعم الاجتماعي، والأخلاقي والقيم التي تربط الأفراد ببعضهم البعض. نجد اليوم من السهل على البعض ان يتخلى حتى عن مبادئه وصلات القرابة وبالتالي يتخلى عن الوطن ومنهم من صار يسخر من فكرة الوطنية والاخلاص للوطن..حتى الدين صار مصدر للتجارة والاستغلال بشكل بعيد عن الانسانية والقيم الاجتماعية وروح التضحية والتضامن!

بعد الحملة الاعلامية التي بثتها امريكا من خلال افلام هولييود او ماتبثه من سموم تخلط في العسل الزؤام في بعض الاغاني او الافلام او تجار الكلام ممن سخروا وتهكموا على اي فكر يدعو لاحترام الاخر او التضحية او التضامن مع الفقراء. وللاسف اثر ذلك على بعض الشعوب والافراد الذين يعم بينهم الفقر والجهل والتخلف. فنجد اليوم كل لا يخرج عن محيطه الضيق في حدود العائلة، بل منهم من تخلى حتى عن العائلة والابناء وراح يبحث عن ملذاته الانية فقط. وهذا ماجعل الاجرام الاسرائيلي يستفحل ويتمدد لتصبح البلطجة وقتل الاطفال دفاعا عن النفس! والدفاع عن الارض والاهل والوطن هو الارهاب! حسب امريكا راعية الارهاب الفعلي الذي عاث في الارض فسادا ودمر شعوبا كما حصل في افغانستان ويوغوسلافيا والعراق وليبيا وسوريا، وبعد الحبل على الجرار، فدول الخليج ليس بمنجى، هاهم يحتلونها واحدة بعد الاخرى ويبتزونهم جهارا نهارا، وهم غافلون!..

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment