عدنان القاقون *
مع كل متغير إقليمي او دولي تواجه طوائف "صيغة الحكم" في لبنان حالة من القرصنة او الاختطاف تفرض حالة من التقوقع ضمن مفاهيم التميز والتحرر والعروبة او المظلومية التاريخية. هذا ما حصل مع الطائفة المارونية اثناء الانتداب الفرنسي وما بعده، وتكرر مع الطائفة السنية في عهد جمال عبد الناصر واخير مع الطائفة الشيعية بعد ظهور المد الديني الإيراني.
لان لبنان وطن قائم على تلاقي مصالح الطوائف لا الشعب، لا عجب ان تضرب عملية قرصنة قرار الطوائف بصيغة الحكم واستقراره. والحقيقة ان اللبنانيين عادة ما يجدون أنفسهم ضحايا صراعات أكبر من تماسك منظومتهم او قدرتهم على الاستيعاب وهذا ما قد يفسر ثقافة الهجرة لدى أبناء وطن الأرز.
اليوم لبنان في قبضة الاختطاف الثالث وربما الأخطر. مؤسسات منهارة، طبقة سياسية شبه معزولة عن العالم معظم اقطابها يتصرفون كمراهقين سياسيين لا رجالات دولة، وشعب بأكمله في سلة الرهائن لمقايضتهم على مقعد حول طاولة النفوذ الإقليمي وتحديدا طاولة الحوار الأميركي الإيراني.!
تجيد طهران لعبة الرهائن لتحقيق مصالحها الاستراتيجية ولعل من المفيد هنا استذكار قضية الرهائن في السفارة الأميركية في طهران عام ١٩٧٩ والتي انتهت بعد ٤٤٤ يوما بإسقاط الرئيس جيمي كارتر وإهداء نصر الافراج عن الرهائن لغريمه رونالد ريغان.
من المخجل، بالمعنى الحرفي للسيادة، ان يعلن رئيس البرلمان الإيراني محمد قاليباف استعداد طهران للتفاوض مع باريس لتنفيذ القرار ١٧٠١ الخاص بوقف الحرب بين لبنان وإسرائيل عام ٢٠٠٦، وهو كمن يقول لمن يتناسى واقع الاختطاف ان ايران تحتجز قرار الحرب والسلم وعلى اللبنانيين انتظار فرج رياح طواحين الحلول الكبرى في المنطقة.
من باب تشخيص الواقع المذل ل "السيادة اللبنانية" فإن الموقف السياسي لقاليباف جاء بعدما أعلنت طهران تعيين فلاح زادة احد قادة الحرس الثوري مشرفا على حزب الله الى حين تعيين امين عام جديد. وفي معلومات لصحيفة الجريدة الكويتية فإن قادة ميدانيين إيرانيين يتولون قيادة العمليات العسكرية في جنوب لبنان حاليا.
في المشهد وبعد اكثر من عام على طوفان الأقصى تبدو ايران الخاسر الأكبر على الأرض ، والأيام وحدها ستكشف ما اذا كانت ايران قد هُزمت فعلا ام انها حققت ما تريده على طاولة النفوذ الإقليمي والعالمي؟!
Comments