bah ثلاثة وسبعون عاماً على تأسيس منظمة الأمم المتحدة ومسيرة السلام مستمرة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

ثلاثة وسبعون عاماً على تأسيس منظمة الأمم المتحدة ومسيرة السلام مستمرة

10/25/2018 - 18:11 PM

Prestige Jewelry

 

 

بقلم: محمد زريق

في مثل هذا اليوم من العام 1945 أبصرت منظمة الأمم المتحدة النور، ودخل العالم مرحلة جديدة من العلاقات الدولية الممنهجة تحت مظلة هذه المنظمة وبالفعل بات من المنطقي الحديث عن نظام عالمي جديد لم يكن له شبيه في الحقبات البشرية السابقة. تعتبر هذه المنظمة صنيعة الحلفاء بعد انتصارهم في الحرب العالمية الثانية، فقد اجتمع كل من الولايات المتحدة والصين والإتحاد السوفياتي والمملكة المتحدة وفرنسا ليضعوا الخطط المترتبة عن مؤتمر دومبارتون أوكس وبعد المباحثات ظهرت اقتراحات تلخص أغراض المنظمة، عضويتها وأعضاءها، بالإضافة إلى الترتيبات للمحافظة على السلم العالمي والأمن والتعاون الاقتصادي والاجتماعي الدولي؛ وهذه الدول الخمسة هي صاحبة حق النقض (VETO) في مجلس الأمن، وتجدر الإشارة إلى أنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي كانت روسيا هي خليفته.

أثبتت تجربة الأمم المتحدة أنها فعّالة وممكنة في تسيير العلاقات بين الدول، وذلك بعد تجربة عصبة الأمم (1919-1945)، والتي لم تحقق الهدف المرجو على أكمل وجه وذلك يعود إلى العديد من العوامل أهمها كان اندلاع الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم بين معسكرين ما أدى إلى استحالة جمع الأطراف المتنازعة على طاولة واحدة. إنَّ منظمة الأمم المتحدة ليست منزّهة عن الخطئ وبالطبع هناك بعض الشوائب التي يجب معالجتها لأنها تعتبر المظلّة الدولية التي تمثل جميع الدول والأطراف الدولية فمن الضروري الحياد والعدل واحترام الاختلافات بين الشعوب، فليس من المنطق تفضيل دولة غنية على دولة فقيرة أو دولة قوية عسكرياً (نووية على سبيل المثال) على دولة ضعيفة أو التحيز في اتخاذ القرارات، ولكن الحق يقال "إنَّ منظمة الأمم المتحدة وإلى حد كبير هي صورة عن المنظمة المثالية".

إنَّ عالمنا اليوم لا يشبه عالم الأمس، بالأمس كانت دول العالم الثالث ترزح تحت وطأة الاستعمار الأجنبي، ومن ثم أصبحت تحت الانتداب، هذا يعني أن العالم لم يعرف معنى الحرية، فإما أن تكون ظالماً مستبداً تمتلك القوة والآلة العسكرية أو أن تكون ضغيفاً وقابعاً تحت رحمة الغير. من هنا، وانطلاقاً من هذا الواقع المرير، جاء العلم الأزرق ليظلل العالم كله دون التفرقة ما بين لون أو عرق أو دين أو طبقة اجتماعية أو موقع جغرافي، وهذا هو الحلم الذي انتظرته البشرية طويلا، وتحقق الحلم في العام 1945. إنَّ هذه المنظمة لا تشبه حكومات الدول، لأن الدول لا تسعى إلى كسب صديق دائم ولن يكون لديها عدو دائم، فقط مصالح دائمة وأغلبها اقتصادي حتى ولو كلف الأمر استعمال الآلة العسكرية؛ صحيح أن الأمم المتحدة وحسب ما أظن هي "حكومة دولية"، ولكنها تختلف اختلافاً جذرياً عن الحكومات السلطوية والمحلية.

إنَّ الأمم المتحدة اليوم هي كلمة الله على الأرض لأنها تعمل من أجل السلام ونشر الخير بين الشعوب، وهذه المنظمة هي حمامة الخير التي تتنقل بين الشعوب من أجل مستقبل أفضل قائم على العدالة والمساواة والاحترام. يقول كونفوشيوس "أن تشعل شمعة، خيرٌ من أن تلعن الظلام"، إن الحديث عن اللامساواة والظلم في هذا العالم لا ينتهي ولكن أيضاً هذا الحديث لا ينفع، فتجربة الأمم المتحدة اليوم لن تحل مشاكل هذا الكوكب جميعها ولكن تسعى لحل معظمها مشكورة.

بفضل الأمم المتحدة فإن العالم انتقل إلى مرحلة المحافظة على الأمن والسلم الدوليين وتنظيم التسلح في العالم والتخفيف من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل ومعاقبة الدول التي تشكل أعمالها تهديداً لأمن وسلامة البشرية، هذه هي أهم المبادئ وبهذا يمكن ضمان الأمن والسلم الدوليين، ولكن بخلاف كل هذه الشروط الصارمة تبقى هناك بعض الدول التي تغرد خارج هذا السرب ولا تلتزم بقرارات المنظمة وهناك بعض المجموعات التي تؤمن بدور هذه المنظمة.

إنَّ فكرة أن يصبح العالم قرية كونية موحّدة أصبحت حقيقة مع ولادة منظمة الأمم المتحدة، والأهم من هذا كله أن هذه المنظمة استطاعت أن تستقطب غالبية الدول تحت قبّة واحدة، مما يجعل من فكرة نقل الخلافات من الخارج ووضعها داخل جدران أربعة معقولة وقابلة للتطبيق.

كل عام ومنظمة الأمم المتحدة بألف خير، من أجل السلام والأمن في هذا العالم.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment