واشنطن - بيروت تايمز - متابعة جورج ديب
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، صباح الجمعة، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تمكن من إلقاء القبض على المشتبه به في جريمة اغتيال الناشط اليميني البارز تشارلي كيرك، وذلك بعد أكثر من 48 ساعة من عملية بحث مكثفة أثارت جدلًا سياسيًا واسعًا وهزّت الرأي العام الأميركي.
في مقابلة مباشرة مع شبكة "فوكس نيوز"، كشف ترامب أن "المشتبه به سلّمه شخص مقرّب منه جدًا"، دون الإفصاح عن هُوِيَّة هذا الشخص أو دوافعه. وأكد أن السلطات الفيدرالية حددت موقع المشتبه به بعد مراجعة أدلة ميدانية وفيديوهات أمنية، من بينها تسجيل يُظهره وهو يقفز من سطح أحد المباني في جامعة "يوتا فالي"، حيث وقعت الجريمة.
حتى صباح الجمعة 12 سبتمبر 2025، لم تُعلن السلطات الأميركية رسميًا عن اسم الجاني، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن المشتبه به يُدعى تايلر روبنس، وقد تم تسليمه طوعًا إلى الشرطة من قبل والده، و "قس مؤمن وعلى صلة بأجهزة إنفاذ القانون"، بحسب تصريحات ترامب.
المشتبه به هو رجل شوهد في تسجيلات كاميرات المراقبة وهو يرتدي قميصًا أسود بأكمام طويلة عليه علم أميركي ونسر وعبارة "أرض الأحرار، موطن الشجعان". وقد دخل حرم جامعة "يوتا فالي" قبل دقائق من إطلاق النار، وصعد إلى سطح أحد المباني، حيث أطلق رصاصة واحدة من مسافة تُقدّر بـ180 مترًا، أصابت كيرك في عنقه خلال فعالية حضرها أكثر من 3000 شخص.
عملية المطاردة استمرت أكثر من 48 ساعة، وشاركت فيها أكثر من 20 وكالة لإنفاذ القانون. وتمكنت السلطات من تحديد موقع المشتبه به بعد مراجعة الأدلة الجنائية، من بينها آثار أقدام وبصمات كف اليد، إضافة إلى السلاح المستخدم الذي عُثر عليه في منطقة غابات قريبة.
التحول الحاسم في القضية جاء عندما سلّم شخص مقرّب من الجاني المشتبه به، وُصف بأنه "قس ومؤمن وعلى صلة بأجهزة إنفاذ القانون" إلى أحد الضباط الأميركيين، بحسب ما صرّح به الرئيس ترامب في مقابلة مباشرة مع "فوكس نيوز". هذا الوسيط اصطحب المشتبه به إلى مقر الشرطة، حيث تم احتجازه رسميًا.
حتى الآن، لم تُكشف دوافع الجريمة، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي وصف الهجوم بأنه "محدد الهدف"، ما يرجّح وجود خلفية سياسية أو شخصية وراء الاغتيال.
تشارلي كيرك، البالغ من العمر 31 عامًا، مؤسس منظمة "Turning Point USA"، كان من أبرز وجوه التيار المحافظ بين الشباب الأميركي. وقد قُتل مساء الأربعاء برصاصة في العنق أثناء مشاركته في نقاش عام داخل حرم جامعة يوتا فالي، غرب الولايات المتحدة. وصفه مؤيدوه بأنه "شهيد حرية التعبير"، فيما اعتبره ترامب "حليفًا شجاعًا ناضل من أجل اللاعنف"، داعيًا أنصاره إلى الرد على اغتياله بطريقة سلمية تعكس مبادئ كيرك نفسه.
الشرطة الفيدرالية كانت قد أعلنت أنها تتابع عدة خيوط في التحقيق، من بينها آثار أحذية وبصمات كف عُثر عليها في موقع الحادث، إضافة إلى السلاح المستخدم الذي تم اكتشافه في منطقة مشجرة قرب الجامعة. كما رُصدت مكافأة قدرها 100 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على الجاني. حاكم ولاية يوتا وصف الجريمة بأنها "اغتيال سياسي"، وأكد أن الولاية مستعدة لتطبيق أقصى العقوبات بحق منفذ الهجوم، بما في ذلك عقوبة الإعدام.
في مدينة أوريم، حيث وقعت الجريمة، نظّم طلاب ومواطنون وقفة احتجاجية بالشموع تكريمًا لروح كيرك، وسط دعوات للحفاظ على حرية التعبير ونبذ العنف السياسي.
اغتيال تشارلي كيرك لا يُعد مجرد حادث جنائي، بل يمثل نقطة تحول في الخطاب السياسي الأميركي، الذي بات أكثر هشاشة وتطرفًا في ظل الاستقطاب الحاد بين التيارات المحافظة والليبرالية. فالرجل الذي كان يُنظر إليه كرمز شبابي للتيار اليميني المحافظ، سقط ضحية في قلب مؤسسة أكاديمية، ما يعكس تصاعد التوترات بين حرية التعبير والرفض الأيديولوجي. هذا الحدث يعيد إلى الواجهة أسئلة ملحّة حول حدود الخطاب السياسي، وأمن الشخصيات العامة، ودور الإعلام في تأجيج أو تهدئة الانقسامات. كما أنه يضع المؤسسات الأمنية أمام تحديات جديدة في التعامل مع الجرائم ذات الطابع السياسي، ويجبر الساحة السياسية على إعادة تقييم لغة التحريض والشيطنة التي باتت تتسلل إلى المنابر العامة. وبينما يحاول البعض توظيف الحادث لتعزيز مواقفهم، فإن المجتمع الأميركي يقف أمام اختبار حقيقي: هل يمكنه حماية التعددية الفكرية دون أن يدفع ثمنًا دمويًا؟ وهل يستطيع قادته إعادة ضبط نبرة الخطاب قبل أن يتحول الخلاف السياسي إلى صراع وجودي.
Comments