تحليل اخباري وسياسي
باريس – بيروت تايمز - متابعة جورج ديب
في لقاء غير مسبوق منذ عقود، اجتمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الإسرائيلي رون ديرمر في العاصمة الفرنسية باريس، يوم الخميس، برعاية مباشرة من المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك. ويُعد هذا اللقاء خطوة لافتة في سياق التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد السياسي في المنطقة، لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد.
براك أعلن عن الاجتماع من خلال منشور على منصة "إكس"، أشار فيه إلى أنّه التقى بالوفدين السوري والإسرائيلي في باريس بهدف فتح قنوات الحوار وتهدئة الأوضاع، مؤكّدًا أن الاجتماع أفضى إلى تجديد الأطراف التزامها باستمرار هذه الجهود. هذا اللقاء الذي تم التحضير له من قبل الجانب الأميركي جاء عقب أحداث دموية في جنوب سوريا، حيث شهدت محافظة السويداء اشتباكات طائفية عنيفة أودت بحياة أكثر من 1200 شخص خلال أسبوع واحد، ما زاد من الحاجة إلى تدخل دولي يهدف إلى تخفيف التصعيد.
مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أن اللقاء تم في إطار وساطة أميركية مباشرة، مشيرًا إلى أن الوزيرين توصلا إلى تفاهمات أولية حول ضرورة إطلاق حوار رسمي بين دمشق وتل أبيب، تمهيدًا لمعالجة ملفات أمنية وسياسية عالقة. ويُعتبر هذا اللقاء أول خطوة معلنة من نوعها منذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا، ويعكس توجّه الحكومة السورية الانتقالية بقيادة الشيباني نحو تبنّي سياسة خارجية أكثر انفتاحًا وبراغماتية، بعيدًا عن الإرث التصادمي الذي طبع علاقات دمشق الإقليمية في العقود السابقة.
من جهته، من المرتقب أن يلتقي براك والوزير السوري صباح الجمعة وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، لمتابعة سبل دعم الحوار وتوسيع الدور الفرنسي كوسيط نزيه في ملفات الشرق الأوسط الشائكة. الحدث أثار ردود فعل متفاوتة، حيث تتابع المعارضة السورية والمجتمع المدني هذه التطورات بحذر، بينما يبقى موقف القوى التقليدية مثل حزب الله وإيران رهن التقييم الإستراتيجي للتحولات الجديدة في دمشق. في المقابل، تراقب إسرائيل التطورات باهتمام بالغ، خاصة في ظل رغبتها بتعزيز التنسيق الأمني وضمان استقرار حدودها الشمالية، وسط مخاوف متزايدة من تمدّد الفوضى جنوب سوريا.
يُنظر إلى هذا اللقاء كعلامة فارقة في مسار العلاقات السورية–الإسرائيلية، وقد يكون بداية لمسار تفاوضي جديد يُعيد رسم ملامح المشهد الإقليمي، ويعزّز فرص إنهاء الصراع في سوريا بطريقة أكثر واقعية وهدوءًا، برعاية دولية متوازنة.
Comments