دمشق - بيروت تايمز – متابعة جورج ديب
في تطور أمني لافت جنوب سوريا، تمكّنت العشائر العربية من دخول محافظة السويداء بعد إعلانها النفير العام، وذلك على خلفية ما وصفته بجرائم إبادة ارتكبتها فصائل مسلحة تابعة للشيخ حكمت الهجري بحق عشائر البدو. وتشهد المنطقة منذ فجر الجمعة اشتباكات عنيفة تُستخدم فيها الأسلحة الرشاشة والصواريخ، فيما دخلت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية على خط المواجهة، مستهدفة مواقع لقوات العشائر في محيط المحافظة. وقد انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد تُظهر أعداداً كبيرة من المقاتلين يتوافدون من شرق سوريا وحلب للمشاركة في المواجهات.
وجاء هذا التحرك بعد بيان رسمي صدر عن العشائر، عبروا فيه عن قلقهم من المجازر التي تُرتكب بحق أبناءهم، مؤكدين أن تحركهم يأتي دفاعًا عن النساء والأطفال والشيوخ، ومطالبين الحكومة السورية بعدم عرقلة وصول المقاتلين إلى المحافظة. وقد شددت العشائر على أن أي استهداف لهم يُعدّ انحيازًا واضحًا لمرتكبي الجرائم، ويتحمّل من يقف خلفه مسؤولية أخلاقية وتاريخية.
وفي المقابل، ارتفعت أصوات من داخل الطائفة الدرزية تحذّر من وقوع مجازر ممنهجة بحق السكان المدنيين في السويداء، حيث سُجّلت سلسلة من الهجمات العنيفة التي استهدفت قرى وبلدات درزية في أكثر من محور داخل المحافظة، لا سيما في صلخد، القريا، شهبا، المزرعة، وعتيل، حيث عمدت الفصائل العشائرية إلى اقتحام المناطق السكنية وقصفها بالهاون والمدفعية، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
وتحدثت مصادر طبية عن انتشال جثث محروقة بالكامل في بلدة القريا، بينما أفادت منظمة الهلال الأحمر السوري عن صعوبات كبيرة في إجلاء المصابين بسبب استمرار القصف ونقاط الاشتباك المتحركة. وفي بلدة شهبا شمال المحافظة، أكدت مصادر محلية أن الفصائل العشائرية نفّذت إعدامات ميدانية بحق شبّان دروز اتُّهموا بالانتماء إلى مجموعات مسلحة، دون أي محاكمة أو تحقيق.
وفي قرية عتيل، قالت تقارير ميدانية إن منزل زعيم روحي درزي بارز قد أُحرق بالكامل، فيما تم تهجير كامل سكان الحيّ الشرقي من القرية بعد تهديدات مباشرة من قادة الفصائل. وشهدت بلدة المزرعة اشتباكات طاحنة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 48 مدنياً وتدمير أكثر من 70 منزلًا، وفقًا لما وثّقته فرق الدفاع المدني.
من جهتها، أعلنت الرئاسة السورية أن قرار سحب القوات جاء لإتاحة المجال أمام جهود التهدئة، معتبرة أن ما حدث لاحقًا يُمثل خرقًا واضحًا للتفاهمات، خاصة بعد فرار عائلات بدوية من ملاحقة الفصائل المسلحة. كما أكدت الرئاسة أن القوات الخارجة عن القانون ارتكبت جرائم عنف مروّعة وثقتها وسائل الإعلام، ما يهدد السلم الأهلي ويقود إلى الفوضى والانهيار الأمني، مشددة على ضرورة السماح للدولة ببسط سيادتها وتطبيق القانون.
مصادر ميدانية أفادت لـ"بيروت تايمز" أن أكثر من 100 شخص قُتلوا خلال هجمات شنتها فصائل موالية للهجري، إضافة إلى تهجير الآلاف من قراهم وإحراق منازلهم. كما نقلت عن مصدر في قوات العشائر أن عدد المقاتلين الذين دخلوا السويداء تجاوز 50 ألفًا، من 41 قبيلة وعشيرة، مع ترقّب وصول آلاف المقاتلين الإضافيين في الساعات المقبلة. وتشكل العشائر، بحسب المصادر القبلية، أكثر من 70% من سكان سوريا، في حين أعلنت قبائل عربية من العراق والأردن ولبنان استعدادها للمشاركة في الدفاع عن أبناء عشائر البدو.
حصيلة الخسائر والتأثيرات
عدد القتلى في تقدير دولي: أكثر من 1,000 قتيل.
النازحون: تجاوز عددهم الى اكثر من 128,000 شخص، إضافة إلى نقص حاد في الخِدْمَات الأساسية.
انتهاكات شنيعة: وثّقت عبر “سوريا المركز” وشهود تقارير عن تنفيذ مجازر بحق مدنيين بدوا (حرق منازل، إعدامات قبلية، اختطاف نساء وأطفال).
هذه التحركات تُنذر بتوسع رقعة الصراع، وتطرح تساؤلات حول مستقبل جهود الوساطة والتفاهمات الأمنية في الجنوب السوري. كما تشير إلى أن طبيعة النزاع الحالي تجاوزت الحدود المحلية، لتتخذ طابعاً إقليمياً مع مشاركة جهات خارجية، ما يتطلب مقاربة سياسية أكثر واقعية لاحتواء التصعيد ومنع انهيار شامل في البنية المجتمعية السورية.
Comments