تمكين القادة الجدد والشباب الإماراتي ليصبحوا روّاد المستقبل
وبناء كوادر مؤهلة ومستعدة للمستقبل تعزز من الأولويات الوطنية
منى الشامسي
دبي، الإمارات العربية المتحدة – متابعة الاعلامية سحر حمزة
تقول منى الشامسي، التي تعمل ضمن فريق دعم الاستثمار في دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي: "اكتسبت مهارات قيادية أستخدمها بثقة في تأدية مهامي المتنوعة، فقد كُنت أسعى دائما للتطور والتميز داخل الدائرة. ومنذ البداية كنت مؤمنة بأنّ البرامج التدريبية التي توفّرها لنا ستكون المفتاح للاستفادة من الفرص التي تمكّننا من تحقيق طموحاتنا المهنية".
رحلة منى هي دليل على التزام الدائرة بدعم وتنمية مهارات موظفيها المواطنين ممّن يتطلعون للمستقبل، كما تسلّط الضوء على التحول الذي تشهده الجهات الحكومية في دبي، التي توفر بدورها برامج رائدة لتنمية المواهب.
وتبرز دبي كمركز عالمي رائد للأعمال والسياحة، تتمتع بطموحات كبيرة ورؤى استراتيجية والتزام بالاستثمار في رأس المال البشري على المدى البعيد. وتستلهم دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي من رؤية القيادة الرشيدة لدبي في إرساء معايير جديدة في دعم وتمكين المواهب في القطاع العام وسط التغيرات والتطورات المتسارعة التي يشهدها العالم.
وتركز الدائرة على تطوير كوادر وطنية تتمتع بأعلى مستويات المهارة والقدرة على مواكبة احتياجات المستقبل، وذلك انسجاماً مع المستهدفات الطموحة لأجندة دبي الاقتصادية D33، التي تسعى إلى مضاعفة حجم اقتصاد الإمارة بحلول العام 2033، وكذلك ترسيخ مكانتها كوجهة رائدة عالمياً للأعمال والترفيه.
ندى المري
وتعليقا على ذلك، قالت ندى المري، مدير إدارة الموارد البشرية في دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي: "رأس المال البشري هو الأساس في استراتيجيتنا، وليس مجرد ركيزة مهمة فيها. ويُعدّ تطوير المواهب أولويةٌ وطنية لنا في دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، حيث تجسّد هذه الرؤية الوطنية إرث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تمكين الأفراد باعتبارهم القوة الداعمة لمستقبل دبي الواعد. كما أنّ برامجنا منسجمة بالكامل مع مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33 كونها مصممة لتسريع دمج المواهب الإماراتية في القطاع الخاص مع الارتقاء بمعايير التميز الحكومي".
وفي ضوء هذه الرؤية الطموحة، تم إطلاق سلسلة من البرامج الرائدة لتدريب الكفاءات الوطنية، والنهوض بإمكانات القوى العاملة لتلبية التوجهات المستقبلية في سوق العمل. ومن بين هذه البرامج: مسار للدراسات العليا، وبرنامج ماجستير إدارة الأعمال المصغر، وبرنامج التعليم المهني، والتي يلعب كلٌ منها دوراً مميزاً في بناء الإمكانات القيادية، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب اعتماد ممارسات الموارد البشرية الخاصة بالقطاع الخاص، وتحقيق نتائج قابلة للقياس.
برنامج مسار للدراسات العليا لبناء أسسٍ متينة
يمهّد برنامج مسار للدراسات العليا الطريق أمام العديد من الشباب الإماراتيين للعمل في القطاع العام، إذ يمنحهم نظرةً أولية وفرصةً لاكتساب المهارات اللازمة في هذا المجال. ويستهدف البرنامج الخريجين الجدد، حيث يعرفهم على الأقسام والعمليات الداخلية لدائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، بدءاً من الدورات التدريبية والتوجيه في مختلف أقسامها، وصولاً إلى تطوير المهارات المتخصصة.
وقد تم تطوير البرنامج بالتعاون مع برايس ووترهاوس كوبرز، وهي إحدى أكبر مزودي خدمات الضمان والضرائب والاستشارات التجارية في العالم. ويجمع البرنامج بين التعلم المنظم، والتدريب، والخبرة العملية، وتقييم الأداء؛ إذ لا يقتصر على بناء القدرات التقنية، بل يتخطاها إلى غرس الشغف، والتفكير النقدي، والطموح على المدى الطويل.
وقد نجح البرنامج منذ إطلاقه في العام 2024 باستقطاب 18 مشاركاً ممن شغلوا بعد اجتيازه وظائف في مختلف إدارات وأقسام دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، وكذلك المؤسسات التابعة لها، بما فيها مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
برنامج ماجستير إدارة الأعمال المصغر لتعزيز الإمكانات القيادية
أطلقت دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي برنامج ماجستير إدارة الأعمال المصغر، في إطار مساعيها لتعزيز الإمكانات القيادية، وصقل المواهب، والارتقاء بخبرات فرق عملها الداخلية. ويستهدف هذا البرنامج المكثف الموظفين ذوي الإمكانات العالية، ويغطي 10 وحدات تدريبية تتناول مجالات أساسية تشمل استراتيجية الأعمال، والتمويل، والعمليات التشغيلية، والقيادة.
واستقطب البرنامج حتى الآن 68 مشاركاً ممن جرى تدريبهم بالتعاون مع مؤسسات مرموقة مثل هيومن نتورك إنترناشيونال، وجامعة أليانس، وهو يهدف إلى تثقيف المشاركين حول الدوافع التجارية وراء عملية اتخاذ القرارات الحكومية، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتولي مسؤوليات أوسع داخل دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي وخارجها.
وأوضحت منى الشامسي قائلة: "لقد أردتُ المشاركة في برنامج ماجستير إدارة الأعمال المصغر وصقل مهاراتي انطلاقاً من عمل دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي على تطوير هذا البرنامج بذاتها".
برنامج التعليم المهني لخبرات تتجاوز القطاعات
يُعد برنامج التعليم المهني الذي أطلقته دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي خطوة رائدة لتنمية المواهب الوطنية وتعزيز جاهزيتها لمتطلبات سوق العمل. وقد شهد انتداب 39 موظفاً خلال فترة البرنامج لصالح مجموعة من أبرز الشركات الرائدة في القطاع الخاص، بما في ذلك كي بي إم جي، والفطيم، ويونيليفر. وتهدف هذه المبادرة إلى إعداد موظفي القطاع العام لمواجهة تحديات العمل بكفاءة عالية على أرض الواقع، من خلال تصميم تجربة شاملة تغطي جميع جوانب بيئة العمل، ابتداءً من تحديد الأدوار والمهام المطلوبة، وصولاً إلى قياس الأثر والنتائج، لضمان تحقيق الفائدة المتبادلة للموظف والجهة المضيفة على حد سواء.
ويكتسب المشاركون خبرات عملية قيّمة في مجالات متعددة مثل: التحوّل الرقمي، والابتكار، وخدمة المتعاملين، والعمليات التشغيلية، وغيرها. وتشكل هذه التجربة نقطة تحول مهمة في مسيرة العديد من الموظفين، إذ توسع آفاقهم العملية، وتمنحهم مهارات جديدة تعزز تطورهم المهني، وتزيد من جاهزيتهم لمتطلبات سوق العمل.
الاستثمار في تطوير القدرات
تستثمر دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي في تطوير رأس المال البشري، ولا تقتصر جهودها على تمكين الأفراد مهنياً فحسب، بل تعمل على ترسيخ ثقافة الابتكار والتميز والمساءلة ضمن منظومة العمل الحكومي في دبي. وفي هذا الصدد، توضّح ندى المري قائلةً: "نعمل على تطوير منظومة متكاملة تسهم في نمو دبي، وتفتح آفاقاً جديدة وفرصاً واعدة للشباب الإماراتي. ونسعى من خلال التعاون مع شركاء عالميين مثل: كي بي إم جي ويونيليفر إلى إعادة تعريف منظومة رأس المال البشري في القطاع العام، وتزويد موظفينا بمهارات عملية قابلة للتطبيق في مختلف القطاعات. ويعكس هذا النهج متعدد القطاعات رؤية دبي في تبني مفاهيم المرونة والابتكار، وإبرام شراكات استراتيجية تسرع عجلة التحول الاقتصادي، وتدعم الطموحات العالمية للإمارة. فالاستثمار في الأفراد هو استثمار في مستقبل المدينة".
يتسارع تحقيق الطموحات المستقبلية بخطى واثقة، مع احتضان دبي اليوم لأكثر من 800 شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، كما أنها تحقق نمواً ملموساً في قطاعات حيوية أخرى تشمل التكنولوجيا المالية، والسياحة، والخدمات اللوجستية، وهو ما يعزز الطلب على الكفاءات الماهرة والمرنة. كما حلّت دبي في المرتبة الثالثة عالمياً في توفير فرص العمل خلال عام 2024، وذلك وفقاً لتقرير النتائج والتصنيفات السنوي الخاص بمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في دبي، الأمر الذي يعكس نهج الإمارة الاستباقي في تطوير بيئة الأعمال وتحفيز النمو الاقتصادي. وبدورها، تسهم برامج دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي في تعزيز هذا الزخم، وتشكل ركيزة أساسية في رسم ملامح المرحلة المقبلة.
يلتحق اليوم أكثر من 60 ألف طالب ببرامج التعليم المهني والتقني في دبي، فيما يشير تقرير "وظائف المستقبل"، الصادر مؤخراً عن الدائرة بالتعاون مع هيئة المعرفة والتنمية البشرية، إلى إمكانية تحول 25% من مهام العمل الحالية حول العالم بفعل الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
وتسعى دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي إلى توسيع نطاق هذه المبادرات التطويرية من خلال استقطاب مزيد من الشركاء الاستراتيجيين، وتوسيع برامجها، وتقديم التدريب الرقمي، وتوجيه جهودها بما يتماشى مع أولويات دبي في القطاعات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والاستدامة. واختتمت المري قائلةً: "نسير بخطىً واثقة مسترشدين بأجندة دبي الاقتصادية D33، ونلتزم بتزويد كل موظف في الدائرة بالأدوات والمهارات المطلوبة، وكذلك الثقة اللازمة لتحقيق الريادة في المرحلة المقبلة. كما نعمل على بناء منظومة داعمة للمواهب ترسخ مكانة دبي بوصفها وجهة رائدةً عالمياً في تطوير رأس المال البشري، ونضع اليوم أسس النجاح الذي ستشهده الإمارة خلال العقود المقبلة".
Comments