bah تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق: إرهاب يستهدف الإيمان ويهدد الوجود المسيحي في الشرق - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق: إرهاب يستهدف الإيمان ويهدد الوجود المسيحي في الشرق

06/30/2025 - 18:07 PM

absolute collision

 

 

 

 

تحقيق الاعلامي جورج ديب - وحدة التحقيقات – بيروت تايمز

 

في يوم مضطرب، تحوّل بيت من بيوت الله – كنيسة مار إلياس الأرثوذكسية في حي القصاع بدمشق – إلى ساحة مجزرة. انتحاري فجّر نفسه وسط المصلّين، ما أسفر عن مجزرة مروعة أودت بحياة 25 شخصًا وجرحت أكثر من 60 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، في مشهد استدعى من الذاكرة الجماعية كل محطات الألم والنزف التي واجهها المسيحيون في الشرق الأوسط على مدى عقود من الصراعات.

العملية الإرهابية - من نار ودم

تبنّى تنظيم "داعش" العملية بسرعة لافتة، مشيرًا إلى أن الهجوم استهدف "رمزًا من رموز الكفر"، على حد وصفهم. لكن قراءة أعمق تكشف أن هذا الاعتداء لم يكن مجرد عملية عشوائية، بل هجوم ذو أبعاد استراتيجية، يحمل عدة رسائل سياسية ودينية:

- رسالة إلى الداخل السوري بأن داعش لم ينتهِ بعد، رغم فقدانه الجغرافيا.

- رسالة إلى المسيحيين في المنطقة: وجودكم في هذا الشرق مستهدف.

- رسالة إلى المجتمع الدُّوَليّ: أن الإرهاب لا يزال يملك القدرة على الوصول إلى رموز التعددية.

- رسالة إلى الأنظمة العربية: أن تجاهل المِلَفّ الأمني المسيحي له ثمنه الدموي.

المسيحيون... ضحايا بلا حماية

ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها المسيحيون بهذه الوحشية. من كنيسة القديسين في الإسكندرية (2011)، إلى سيدة النجاة في بغداد (2010)، وصولاً إلى دير مار مارون في حمص والكنائس في سهل نينوى، تتكرر المأساة، وتتكرر البيانات الرسمية التي لا تتعدّى حدود "الإدانة". المسيحيون في هذا الشرق، على الرغم من كونهم مكوِّنًا أصيلًا، باتوا هدفًا دائمًا دون حماية دائمة.

اعتداء في وقت حرج تمرّ به سوريا والمنطقة:

- انهيار أمني نسبي في بعض أحياء دمشق، نتيجة الفوضى الاقتصادية والفساد في الأجهزة الأمنية.

- تنامي خلايا نائمة لداعش في أطراف العاصمة وريفها الشرقي.

- صراع محاور إقليمي لا يأخذ أمن الأقليات في الحسبان، بل يتاجر بها.

- صمت غربي مريب يضع حقوق الإنسان في خانة الحسابات السياسية الباردة.

المسيحيون بين الشهادة والصمود

رغم كل المآسي، يبقى المسيحيون عنصرًا فاعلًا في الهُوِيَّة التاريخية والثقافية للمنطقة. لقد دفعوا عبر قرون من الحروب والاحتلالات والفتن، أثمانًا غالية للمحافظة على حضورهم، من لبنان إلى العراق، ومن فلسطين إلى سوريا.

الخطر تجاوز الحضور الرمزي

- الهجرة المسيحية مستمرة بوتيرة مخيفة، ولا سيما بعد كل اعتداء.

- غياب الحماية الإقليمية الجدية يزيد من شعور العزلة.

- استخدامهم كورقة ضغط من قبل أطراف داخلية وخارجية في صراعات النفوذ.

الرد العربي والدولي؟

اكتفت دول كبرى ومرجعيات دينية بإصدار بيانات شجب سريعة، لم تُرصد أي تحركات عملية لطمأنة المسيحيين أو لتفعيل آليات حماية دور العبادة. والأسئلة الكبرى تطرح نفسها:

- لماذا لا يُدرج استهداف المسيحيين ضمن أولويات مكافحة الإرهاب؟

- أين لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة؟

- لماذا لا يُفعّل "التحالف العربي لحماية الأقليات" الذي يُتغنّى به؟

خطر التهجير النهائي

إذا لم يتم التعامل بجدّية مع مثل هذه الجرائم، فإن المنطقة مهددة بخسارة أحد أقدم مكوّناتها. فالكثير من العائلات المسيحية السورية بدأت بإعادة النظر في قرار البقاء، تحت ضغط الخوف من أن تتحوّل الكنائس إلى قبور جماعية.

المطلوب اليوم:

- تفعيل خِطَّة أمنية وقائية لحماية الكنائس، خصوصًا في الأعياد والمناسبات.

- دعم حضور المسيحيين في الإدارات والمجالس المحلية.

- تحرك مشترك من الكنائس المشرقية والكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية على مستوى عالمي للضغط على الحكومات.

- تحريم خطاب الكراهيَة الطائفي وتفكيك شبكاته الإلكترونية.

مرة جديدة، يُكتب التاريخ المسيحي في هذا الشرق بحبرٍ من دماء الأبرياء، ومرة أخرى يتحول صليب الرجاء إلى شاهد قبر جماعي. ويبقى السؤال الأكبر:

هل سيبقى العالم يكتفي بالبكاء على الضحايا، أم أن ساعة الفعل الجادّ لحماية التنوّع الديني قد اقتربت؟

 

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment