06/12/2025 - 03:33 AM
لوس أنجلوس – بيروت تايمز - تحقيق الاعلامي جورج ديب
دخلت مدينة لوس أنجلوس مرحلة حرجة من التوترات السياسية والاجتماعية، بعد سلسلة مداهمات نفذتها سلطات الهجرة الفيدرالية، أشعلت موجة من الاحتجاجات العنيفة. وردًا على ذلك، أعلنت رئيسة البلدية كارين باس فرض حظر تجوّل ليلي من الساعة الثامنة مساءً حتى السادسة صباحًا، يمتد لعدة أيام "إذا اقتضت الحاجة"، مع استثناءات محددة تشمل السكان، المشردين، الإعلاميين، وعناصر الأمن.
الاعتقالات تتزايد ووسط المدينة يتحول إلى ساحة مواجهة
تواصلت التظاهرات لليوم الخامس على التوالي، وسط تصاعد المواجهات بين المحتجين وقوات الشرطة. وقد شهدت المدينة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المعتقلين، إذ أعلنت شرطة لوس أنجلوس توقيف أكثر من 400 شخص خلال 48 ساعة فقط، بينهم عشرات تم اعتقالهم خلال محاولتهم كسر حظر التجول.
وأكدت الشرطة أنها ستواصل تنفيذ الاعتقالات وتفريق التجمّعات غير القانونية، بينما خلت شوارع وسط المدينة من المارة، باستثناء مجموعات صغيرة من المتظاهرين، في مشهد يعكس حجم الانقسام والغضب الشعبي.
ترامب ينشر القوات... ونيوسوم يتحدى
في خطوة أثارت موجة انتقادات واسعة، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنشر 4000 جندي من الحرس الوطني و700 من قوات مشاة البحرية (المارينز) في شوارع لوس أنجلوس، في مهمة تهدف لحماية المباني الفيدرالية ومرافقة ضباط الهجرة أثناء المداهمات.
لكن القرار قوبل برفض قاطع من حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، الذي وصف الخطوة بأنها "احتلال فيدرالي غير دستوري"، ورفع دعوى قضائية ضد البيت الأبيض، مؤكدًا أن نشر القوات دون موافقة الولاية يُعد انتهاكًا صريحًا للدستور الأميركي.
المحاكم تدخل على الخط
في تطور قانوني بارز، رفض قاضي المحكمة الجزئية الأميركية، تشارلز براير، طلبًا عاجلًا من ولاية كاليفورنيا لإيقاف نشر القوات الفيدرالية، وأمهل إدارة ترامب للرد رسميًا قبل جلسة استماع مرتقبة يوم الخميس. وعلّق نيوسوم على القرار قائلًا: "نحن أمام استعراض عسكري غير قانوني... ما يحدث تهديد خطير للديمقراطية".
المواجهة القانونية وصلاحيات الرئيس وحدودها
الرئيس الاميركي دونالد ترامب يستند إلى قانون التمرد لعام 1807، الذي يجيز له نشر قوات فيدرالية داخل أي من الولايات إذا اعتبر أن هناك تهديدًا للأمن القومي أو تمردًا مدنيًا. لكن هذا القانون لطالما كان محل جدل بسبب استخدامه المحدود تاريخيًا وارتباطه بحالات استثنائية.
وبينما لا يستطيع الرئيس إقالة حاكم ولاية منتخب، ترددت على لسان بعض المسؤولين الفيدراليين، مثل مسؤول الهجرة السابق توم هومان، تهديدات باحتمال اتخاذ إجراءات قانونية بحق حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم إذا عرقل تنفيذ القوانين الفيدرالية. وهو سيناريو قد يُفجّر أزمة دستورية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة.
اتساع رقعة الاحتجاجات
لم تبقِ الاحتجاجات في لوس أنجلوس معزولة، بل امتدت إلى مدن أميركية أخرى:
- سان فرانسيسكو - الشرطة تعتقل 92 شخصًا بعد أعمال شغب وتخريب في حي ميشن.
- نيويورك - متظاهرون يقتربون من مكاتب إدارة الهجرة في مانهاتن السفلى، والشرطة تنفذ اعتقالات.
- أتلانتا - مواجهات عنيفة بين المحتجين والشرطة، استخدمت فيها قنابل الغاز، مع تسجيل إصابات خطيرة.
- شيكاغو - أعمال تخريب تضمنت رسم رموز نازية على سيارات دون تدخل فوري من الشرطة.
شوارع لوس أنجلوس تحت السيطرة الأمنية
مع بدء سريان حظر التجول، بدت شوارع وسط لوس أنجلوس شبه خالية، وانتشار أمني كثيف وتحليق مستمر للمروحيات فوق المناطق الساخنة. وذكرت تقارير ميدانية أن بعض المتظاهرين ما زالوا يتحدّون قرار الحظر، ما ينذر باستمرار التصعيد.
وذكر مراسل " بيروت تايمز " في تغطيته الميدانية أن نمط الاحتجاجات يختلف من مدينة لأخرى، لكنه يُوحِّدها الغضب من سياسات الهجرة والتصعيد الفيدرالي.
أبرز السيناريوهات المحتملة
في ظل تسارع الأحداث، يلوح في الأفق عدد من السيناريوهات وفقًا لتحليلات تابعتها " بيروت تايمز ".
- تمديد حظر التجول، إذا استمرت الاضطرابات، من المرجح أن تُمدد سلطات المدينة الحظر لفترات أطول.
- تعزيز الانتشار العسكري، قد يلجأ البيت الأبيض إلى زيادة عدد القوات الفيدرالية، ما قد يؤدي إلى تفجّر المواجهات.
- موجة احتجاجات جديدة في مدن أميركية أخرى، الانتفاضة قد تنتقل إلى مدن مثل ديترويت، هيوستن، وفيلادلفيا.
- تصعيد قانوني ودستوري، المواجهة بين البيت الأبيض وسلطات كاليفورنيا قد تؤدي إلى معارك قضائية حاسمة في المحاكم الفيدرالية.
- انقسام سياسي عميق، الخطاب السياسي في البلاد يشهد استقطابًا حادًا قد يُلقي بظلاله على الانتخابات القادمة.
العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات
الأزمة التي تعصف بلوس أنجلوس تُعد اختبارًا قاسيًا للعلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات، كما تُسلّط الضوء على التحديات المرتبطة بتنفيذ سياسات الهجرة، وَسَط بيئة سياسية متوترة. ومع استمرار الاحتجاجات، فإن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار العِلاقة بين السلطات المحلية والفيدرالية، ومستقبل التوازن الدستوري في البلاد.
Comments