واشنطن – بروكسل | متابعة الاعلامي جورج ديب
في تحول لافت على الساحة الدولية حيال الملف السوري، حذّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من "احتمال انهيار السلطة الانتقالية في سوريا خلال أسابيع"، محذراً من اندلاع حرب أهلية ذات طابع مدمّر قد تقود إلى تقسيم البلاد. وجاءت تصريحات روبيو خلال جلسة استماع عقدها مجلس الشيوخ الأميركي لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا ومسار العملية الانتقالية.
وقال روبيو: "تقييمنا هو أن السلطة الانتقالية، وبصراحة، قد تكون على بعد أسابيع – وليس عدة أشهر – من انهيار محتمل وحرب أهلية ذات أبعاد مدمّرة، يمكن أن تؤدي فعلياً إلى تقسيم البلاد."
وفي هذا السياق، دافع روبيو عن قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب الأخير برفع العقوبات الأميركية عن سوريا وبدء التواصل المباشر مع الحكومة الانتقالية، معتبراً أن هذه الخطوة ضرورية لدعم الاستقرار وتفادي الانهيار الشامل لمؤسسات الدولة.
ترامب: "لا مصلحة لأميركا في فوضى جديدة في الشرق الأوسط"
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريحات أدلى بها من البيت الأبيض، إن "الوقت قد حان لتبنّي مقاربة جديدة تجاه سوريا"، مشدداً على أن "استمرار سياسة العقوبات والعزل أثبتت محدوديتها ولم تُفضِ إلى نتائج ملموسة على الأرض".
وأضاف ترامب: "لا مصلحة لأميركا في فوضى جديدة في الشرق الأوسط. نريد حلاً سياسياً يحفظ وحدة سوريا ويُنهي النزاع، وهذا يتطلب انخراطاً دبلوماسياً مسؤولاً، لا سياسة تخلٍّ".
توافق أوروبي على رفع العقوبات
في موازاة التحوّل الأميركي، كشفت مصادر دبلوماسية في بروكسل أن دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى اتفاق مبدئي على رفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في إطار دعم تعافي البلاد بعد أكثر من عقد على النزاع الدموي. وذكرت المصادر أن سفراء الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد وافقوا بالإجماع على هذه الخطوة، ومن المتوقع أن يصدر الإعلان الرسمي عنها خلال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين المرتقب.
تحوّل في المشهد الدولي... ودلالاته
يمثّل رفع العقوبات من قبل واشنطن وبروكسل نقطة تحوّل مفصلية في المقاربة الغربية للملف السوري. فبعد سنوات من سياسة العزل والعقوبات، تأتي هذه الخطوة كمؤشر على إدراك متزايد لخطورة ترك الوضع السوري في حالة فراغ، خاصة مع تصاعد المخاوف من الفوضى، وتنامي نفوذ الفاعلين غير الدولتيين.
ويرى مراقبون أن إدارة ترامب تسعى إلى إعادة الإمساك بالملف السوري في مرحلة ما بعد الحرب، من بوابة تثبيت الاستقرار ودعم حكومة انتقالية قابلة للحياة. أما أوروبا، فتبدو مدفوعة بهاجس منع موجة لجوء جديدة، وتأمين بيئة سياسية تسمح بإعادة الإعمار الطوعي وعودة تدريجية للنازحين.
ومع ذلك، تبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة هذه الخطوات على وقف التدهور على الأرض، خصوصاً في ظل هشاشة الوضع الأمني، واستمرار غياب التوافق بين الفاعلين المحليين والإقليميين على رؤية موحّدة لمستقبل سوريا.
Comments