واشنطن - في تطور لافت على مسار الحرب الروسية – الأوكرانية، أجرى الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب، مكالمة هاتفية وصفت بـ"المطولة والودية" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، استمرت أكثر من ساعتين، ناقشا خلالها فرص التفاوض لإنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من 18 شهرًا.
وأكد ترامب، في تصريح أعقب المكالمة، أن الاتصال "سار على ما يرام"، وأن "نبرته كانت إيجابية للغاية"، كاشفًا عن اتفاق مبدئي على إطلاق مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف لبحث وقف إطلاق النار. وأضاف: "روسيا أعربت عن رغبتها في تطوير شراكة اقتصادية واسعة مع الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب"، مشيرًا إلى أن "أوكرانيا ستستفيد أيضًا من هذه الفرص إذا جرى التوصل إلى تسوية".
من جانبه، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحادثة بأنها "ذات معنى وصريحة ومفيدة للغاية"، بحسب ما نقلت وكالة "تاس" الرسمية، مشيرًا إلى استعداد بلاده للعمل مع الجانب الأوكراني على مذكرة تفاهم تمهّد لحوار مستقبلي. وقال بوتين: "نحن عموماً على المسار الصحيح، لكن لا بد من القضاء على الأسباب الجذرية للصراع والتوصل إلى تسويات ترضي الطرفين".
دبلوماسية ترامب: عودة إلى الواجهة؟
اللافت أن الاتصال جاء بعد يومين فقط من استضافة إسطنبول أول جولة تفاوضية بين وفدين روسي وأوكراني منذ ثلاث سنوات، أسفرت عن اتفاق لتبادل نحو ألف أسير، دون تحقيق أي خرق في القضايا الجوهرية. وهو ما يُفسَّر كمحاولة من ترامب لإعادة تموضعه كصاحب دور "حاسم" في الملف الأوكراني، في توقيت انتخابي داخلي حرج، يسعى فيه لتقديم نفسه كصانع سلام على الساحة الدولية.
وقد رافق الاتصال تصريح لافت لنائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، قال فيه إن "أفق الحل في أوكرانيا يبدو مسدودًا، وإن استمرار موسكو في رفض المحادثات قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم موقفها بالكامل من الحرب"، مؤكدًا أن "هذه ليست حربنا إذا لم يكن الطرف الآخر مستعدًا للتفاوض".
إشارات متبادلة وتوازنات معقدة
الاتصال الذي أجراه بوتين من مجمع "سيريوس" التعليمي قرب سوتشي، يحمل دلالات متعددة، أبرزها رغبة الكرملين في إظهار انفتاح تكتيكي على الحلول السياسية، بالتوازي مع إبراز دور ترامب كقناة بديلة عن المؤسسة الأميركية الرسمية التي تقودها إدارة بايدن.
ومع تصاعد الدعوات في الكونغرس الأميركي لإعادة النظر في الدعم العسكري غير المحدود لكييف، تبدو إدارة ترامب مستعدة لإحداث تحوّل في الاستراتيجية الأميركية حيال الحرب، سواء من بوابة الاقتصاد أو الانسحاب التدريجي من الأعباء السياسية والعسكرية.
اتفاق محتمل أم استثمار انتخابي؟
يبقى السؤال المطروح: هل تشكّل مكالمة ترامب – بوتين نقطة انعطاف حقيقية نحو تسوية سياسية، أم أنها جزء من حملة علاقات عامة انتخابية لترامب في وجه إدارة بايدن؟ الجواب قد يتوقف على مدى تجاوب كييف، وعلى استعداد موسكو لتقديم تنازلات فعلية بشأن مناطق النفوذ والضمانات الأمنية.
حتى الآن، تظل المكالمة بمثابة مؤشر أولي إلى تحرك جديد على الساحة الدولية، لكنه لا يعكس بالضرورة تغييرًا جذريًا في المواقف الروسية أو الأوكرانية. إلا أنها أعادت تسليط الضوء على أهمية الحوار المباشر، ولو جاء هذه المرة من خارج البيت الأبيض.
Comments